إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عبد الله: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

          7076- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ) قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (أَبِي) حفص بن غياثٍ قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان بن مهرانَ قال: (حَدَّثَنَا شَقِيقٌ) أبو وائل بن سلمةَ (قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعودٍ ☺ : (قَالَ النَّبِيُّ صلعم : سِبَابُ المُسْلِمِ) بكسر السِّين وتخفيف الموحَّدةِ: مصدرٌ مضافٌ للمفعول، يُقال: سبَّ يسُبُّ سبًّا وسِبَابًا، قال إبراهيمُ الحَرْبِيُّ: السِّباب أشدُّ من السَّبِّ؛ وهو أن يقولَ في الرَّجلِ ما فيه وما ليس فيه يُرِيد بذلك عيبَه، وقال غيره: السِّباب هنا مثل: القتال، فيقتضي المفاعلة، ولأحمد عن غُنْدَرٍ عن شُعْبة: «سِباب المؤمن» (فُسُوقٌ) وهو في اللُّغة: الخروج، وفي الشَّرع الخروج عن طاعة الله ورسوله، وهو في الشَّرع: أشدُّ العصيان، قال تعالى: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}[الحجرات:7] ففيه تعظيمُ حقِّ المسلم، والحكمُ على منْ سبَّه بغير حقٍّ بالفسقِ(1) (وَقِتَالُهُ) ومقاتلَتُه (كُفْرٌ) ظاهرُه غيرُ مُرادٍ؛ فلا مُتَمسَّك(2) به للخوارج؛ لأنَّه لمَّا كان القتالُ أشدَّ من السِّباب؛ لأنَّه مُفْضٍ إلى إزْهاقِ الرُّوح؛ عبَّر عنه بلفظٍ أشدَّ من لفظ الفسق(3) وهو الكفر، ولم يُرد حقيقة الكفر التي هي الخروجُ عن المِلَّة، بل أَطلق عليه الكُفْر مبالغةً في التَّحذير، معتمِدًا على ما تقرَّر من القواعد، أو(4) المعنى: إذا كان مُستحلًّا، أو أنَّ قتال المؤمن من شأن الكافر، أو المرادُ: الكفرُ اللُّغويُّ الذي هو التَّغطية‼؛ لأنَّ حقَّ المسلمِ على المسلم أن يُعينه وينصره ويكفَّ عنه أذاه، فلمَّا قاتله؛ كان كأنَّه غطَّى هذا الحقَّ.
          والحديث سبق في «الإيمان» [خ¦48].


[1] في (د): «بالفسوق».
[2] في (ع): «تمسَّك».
[3] في (ع): «الفُسُوق».
[4] في (د): «و».