إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا سمعتم بأرض فلا تقدموا عليه

          6973- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمامِ الأعظمِ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بنِ مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ) العنزيِّ حليف بني عديٍّ، أبي محمَّد المدنيِّ، ولد على(1) عهدِ النَّبيِّ صلعم ولأبيه صُحبة مشهورةٌ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ☺ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ) في ربيع الثَّاني سنة ثماني عشرة يتفقَّدُ أحوال الرعيَّة (فَلَمَّا جَاءَ بِسَرْغٍَ) بموحدة فمهملة مفتوحة وسكون الراء بعدها غين معجمة غير منصرف وينصرف(2)، قرية بطرفِ الشَّام ممَّا يلي الحجاز(3)، ولأبي ذرٍّ: ”سرغ“ بإسقاط الموحدة (بَلَغَهُ أَنَّ الوَبَاءَ) بفتح الواو والموحدة والهمزة ممدودًا، وهو(4) المرض العامّ، والمراد هنا: الطَّاعون المعروف بطاعون عَمَواس (وَقَعَ بِالشَّأْمِ) فعزم على الرُّجوع بعد أن اجتهدَ، ووافقه بعض الصَّحابة ممَّن معه على ذلك (فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِأَرْضٍ) ولأبي ذرٍّ: ”به“ أي: بالطَّاعون «بأرض»(5) (فَلَا تَقْدَمُوا) بفتح أوله وثالثه، ولأبي ذرٍّ: ”فلا تُقدِموا“ بضم الأول(6) وكسر الثالث (عَلَيْهِ) لأنَّه إقدامٌ على خطر (وَإِذَا وَقَعَ) الطَّاعون (بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا) منها (فِرَارًا مِنْهُ)‼ لأنَّه فرارٌ من القدر، فالأوَّل تأديبٌ وتعليمٌ، والآخرُ تفويضٌ وتسليمٌ (فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ سَرْغٍَ).
          (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ _بالسَّند السَّابق_ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ) جدَّه (عُمَرَ) بن الخطَّاب ☺ (إِنَّمَا انْصَرَفَ) من سَرغ (مِنْ(7) حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بنِ عوف ☺ ، وفيه تقديم خبرِ الواحد على القياسِ؛ لأنَّ الصَّحابة اتَّفقوا على الرُّجوع اعتمادًا على خبر عبدِ الرَّحمن وحدَه بعد أنْ ركبوا المشقَّة في المسيرِ من المدينةِ إلى الشَّام، ورجعوا ولم يدخلُوا الشَّام، وروي(8) أنَّ انصراف عمر إنَّما كان من أبي عُبيدة بن الجرَّاح؛ لأنَّه استقبلَه قائلًا: جئتَ بأصحابِ رسول الله صلعم تدخلهم أرضًا فيها الطَّاعون، فقال عُمر: يا أبا عُبيدة أشككتَ؟ فقال أبو عُبيدة: كأنِّي(9) يعقوب إذ قال لبنيهِ: {لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ}[يوسف:67] فقال عمر: والله لأدخلنَّها. فقال أبو عُبيدة: لا تدخلها، فردَّه.


[1] «على»: ليست في (ب).
[2] في (ع) و(د): «ينصرف ولا ينصرف».
[3] في (ع): «المدينة»، وفي (س) و(ص): «الشام».
[4] «وهو»: ليست في (د) و(ع).
[5] «بأرض»: ليست في (ع) و(ص).
[6] في (د): «أوله».
[7] في (ص): «عن».
[8] في (ع) و(ب): «يروى».
[9] في (د) و(ع) و(ص): «كأن».