إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر

          6970- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضلُ بنُ دُكين قال: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) بفتح الشين المعجمة، ابنُ عبد الرَّحمن النَّحويُّ (عَنْ يَحْيَى) بن أبي كثيرٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوف (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : لَا تُنْكَحُ) بالبناء للمفعولِ (الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ) أي: يُطلب أمرُها، والأَيِّم: بفتح الهمزة وتشديد التحتية مكسورة وبعدها ميم، مَن لا زوج لها بكرًا أو ثيِّبًا، لكن المراد هنا: الثَّيِّب بقرينةِ المقابلة للبكرِ في قولهِ: (وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ) بالبناء للمفعولِ (حَتَّى تُسْتَأْذَنَ) بالبناء للمفعول أيضًا (قَالُوا): يا رسول الله (كَيْفَ إِذْنُهَا؟) أي: إذن البكر (قَالَ) صلعم : إذنها (أَنْ تَسْكُتَ) غالبًا، وإنَّما وقع السُّؤال عن الإذن مع أنَّ حقيقته معلومة؛ لأنَّ البكرَ لما كانت تستحِي أن تُفصحَ بإظهارِ رغبتِها في النِّكاح احتيجَ إلى كيفيَّة إذنها.
          (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) وهو الإمام أبو حنيفة: (إِنِ احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ القَاضِي نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أنَّه لَمْ(1) يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ) أي: يجوزُ له (هَذَا النِّكَاحُ، وَلَا بَأْسَ بِالمُقَامِ لَهُ مَعَهَا) بضم ميم المقام؛ لأنَّ حُكم الحاكمِ‼ ينفذُ ظاهرًا وباطنًا عنده كما مرَّ، وقد نقل المهلَّب اتِّفاق العلماء على وجوبِ استئذان الثَّيِّب لقولهِ تعالى: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ}[البقرة:232] فدلَّ على أن النكاح يتوقف على الرِّضا من الزَّوجين، وأَمَرَ النَّبيُّ صلعم باستئذانِ نكاح الثَّيِّب، وردِّ نكاحِ من زُوِّجت كارهةً، فقول الإمام أبي حنيفة خارجٌ عن هذا كلِّه، ذكره في «الفتح».


[1] «لم»: ليست في (ب).