تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه

          ░100▒ (بَابُ شِرَاءِ المَمْلُوكِ مِنَ الحَرْبِيِّ وَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ) أراد بالمملوك: الرقيق ليناسب قوله: (وَعِتْقِهِ) وليوافق أحاديث الباب.
          (كَاتِبْ مَوْلَاكَ) أي اشترِ نفسك منه. (وكَانَ) أي سلمان في الأصل قبل أن يظلموه. (حُرًّا) والجملة: حال، وذلك أنه كان هرب من أبيه لطلب الحقِّ وكان مجوسيًّا، فلحق براهب ثم براهب(1) ثم بآخر بعد موت كلٍّ منهم، حتى دلَّه الأخير على الحجاز، وأخبره بظهور رسول الله صلعم، فقصده مع بعض الأعراب، فغدروا به باعوه(2) في وادي القرى ليهودي، ثم اشتراه يهودي آخر من بني قريظة فقدم به المدينة، فلما قدمها النبي صلعم ورأى هو علامات النبوة أسلم، فقال له النبي(3) صلعم: ((كاتِب عن نفسك)) وهو رقيق بالغدر لأن الحربي إذا قهر حربيًّا ملكه.
          (وَسُبِيَ) بالبناء للمفعول أي أُسر. (عَمارٌ) أي ابن ياسر العَنْسي بنون ساكنة. (وَصُهَيْبٌ) أي ابن سنان بن مالك الرومي. (وَبِلالٌ) أي ابن رباح الحبشي المؤذن، ثم عتق صهيب بإعتاق عبد الله بن جدعان له، وبلال بإعتاق أبي بكر الصِّديق له، وأمَّا عمار فلم يُسْبَ، وإنَّما سكن أبوه ياسر مكة، وحالف بني مخزوم فزوجوه سمية، وكانت من مواليهم، فولدت له عمارًا، فعامله المشركون معاملة السبي(4) لكون أمِّه من مواليهم.
          ({بِرَادِّي رِزْقِهِمْ} [النحل:71]) أي بمعطيه. ({عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}) أي لم يردُّوا رزقهم على مماليكهم، وإنما يردُّون عليهم رزقهم الذي جعله الله في أيديهم. ({فَهُمْ}) أي الموالي ومالكيهم. ({فِيهِ سَوَاءُ}) أي مستوون في أنَّ الله رزقهم، فالجملة مقررةٌ للجملة المنفية. ({أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ}) أي يكفرون حتى يجعلون له شركاء، وفي نسخة<{عَلَىَ مَا مَلَكَتْ إيْمَانُكُمْ(5)}) إلى قوله: {أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ}> [النحل:71].


[1] زاد في (ع): ((ثم براهب)).
[2] في (ع) و(د): ((فباعوه)).
[3] قوله: ((النبي)) ليس في (ع). في (د): ((رسول الله)).
[4] في (ع): ((المسبي)).
[5] في (ع): ((أيمانهم)).