تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب الجمع بين السورتين في الركعة

          ░106▒ (بَابُ: الجَمعِ بَينَ السُّورَتِينِ في الرَّكعَةِ) في نسخة: <في ركعة>. (وَالقِرَاءَةِ بِالخَوَاتِيمِ) في نسخة: <بالخواتم> بحذف الياءِ. (وَبِسُورَةٍ قَبلَ سُورَةٍ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ) أي: باب بيان حكم الأمور الأربعة، وهي: الجمع بين سورتين في(1) ركعة، والقراءة بالخواتيم_أي: الأواخر_ وقراءة سورة في الركعة الثانية قبل التي قرأ بها فيما قبلها، والقراءة بأوَّلِ سورة.
          ومطابقة الحديث لغير القراءة بالخواتيم ظاهرة، وأما مطابقته لها فيؤخذ من قول قتادة: كل كتاب الله. (المؤمِنِينَ) في نسخة: <المؤمنون> بالرفع(2) على الحكاية.
          (ذِكرُ مُوسَى وَهَارُونَ) أي آية: {ثُمَّ أَرسَلنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ} / [المؤمنون:45] (أَو ذِكرُ عِيسَى) شكٌّ من الراوي، أي أو آية: {وَجَعَلنَا ابنَ مَريَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون:50] (وَذِكرُ) مرفوع و(3) منصوب. (سُـَعلَةٌ) _بضمِّ السين المهملة وفتحها_. (المثَاني) قيل: هو(4) ما لم يبلغ مئة آية، وقيل: ما عدا السبع الطوال إلى المفصل، وسُمِّي جميع القرآن مثاني؛ لاقتران آية الرحمة بآية العذاب، وأما قوله تعالى: {وَلَقَد آتَينَاكَ سَبعًا مِنَ المَثَانِي} [الحجر:87] فالمراد به سورةُ الفاتحة.
          (الأَحنَفُ) أي: ابن قيس بن مَعدِ يكرِبَ(5) الكنديُّ الصحابي. (بِالكَهفِ في الأُولَى، وَفي الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ) أي: من صلاة الصبح. (أَو يُونُسَ) شكٌّ من الراوي. (وَذَكَرَ) أي: الأحنفُ. (بَأَربَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنفَالِ) أي: في الركعة الأولى، وروي: (فافتتح الأنفال حتى بلغ {وَنِعمَ النَّصِيرُ} [الأنفال:1_40]) وهو رأس الأربعين آية. (مِنَ المفَصَّلِ) تقدم بيانه [خ¦701].
          (سُورَةً) في نسخة: <بسورة> بباء في المواضع الثلاثة. (في رَكعَتَينِ) في نسخة: <في الركعتين>. (أَو يُرَدِّدُ(6)) أي: يكرر(7)، وهو زائدٌ على الترجمة. (كُلٌّ) أي: كلُّ ذلك (كِتَابُ اللهِ) أي: فعلى أي وجه يقرأ(8) لا كراهة فيه.
           (عُبَيد اللهِ) أي: ابن عمر بن حفص بن عَاصِم بن عمر بن الخطاب. (عَن ثَابِتٍ) أي: البُناني(9). (عَن أَنَس) زاد في نسخة: <ابن مالك>.
          (كَانَ رَجُلٌ) اسمه كُلثوم_بضمِّ الكاف_ ابن هِدم بكسر الهاء. (وَكَانَ) في نسخة: <فكان>. (افتَتَحَ سُورَةً) أي: أراد أن يفتتح بها. (يُقرَأُ بِهِ) في نسخة: <يقرأ بها>. (افتَتَحَ) جواب (كُلَّمَا). (مَعَهَا(10)) أي: مع (قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). (وَكَانَ يَصنَعُ ذَلِكَ) أي: ما ذكر من الافتتاح بسورة الإخلاص ثم بسورة معها. (فَقَالُوا) في نسخة: <وقالوا>. (لَا تَرَى أَنَّهَا تُجزِئُكَ) _بضمِّ أوَّله مع الهمز(11) _ من الإجزاء، وفي نسخة: بفتح الأول مِن جزى؛ أي: لا ترى أنها تكفيك. (بِأُخرَى) في نسخة: <بالأخرى>. (فَإِمَّا أَن يَقرَأَ(12) بِهَا) في نسخة: <فإما يقرأ(13) بها>. (وَإِمَّا أَن تَدَعَهَا) أي: تتركها. (بِأُخرَى) أي: غير ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]). (يَرَونَ أَنَّهُ) في نسخة: <يرونه>. (وَكَرِهُوا أَن يَؤُمَّهُم غَيرُهُ) أي: لكونه من أفضلهم؛ أو لأنه صلعم هو الذي قرره. (الخَبَرَ) أي: المذكور، فاللام للعهد.
          (مَا يَمنَعُكَ أَن تَفعَلَ مَا يَأمُرُكَ بِهِ أَصحَابُكَ) أي: بأن تقرأ سورة الإخلاص فقط، أو غيرها فقط، وليس فيما قاله أصحابه من التخيير أمرٌ لكنه لازم له(14)، فهو مجازٌ من إطلاقِ الملزوم وإرادة اللازم. (وَمَا يَحمِلُكَ عَلَى قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ) أي: ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}(15). هذا جوابٌ عن السؤال الثاني صريحًا، وعن الأول لزومًا بانضمام شيءٍ(16) آخر، وهو إقامة السنة المعهودة في الصَّلاة، فكأنه(17) قال أقرأُ ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}) لمحبتي إياها، وأقرأ سورة أخرى إقامةً للسنة كما هو المعهود في الصَّلاة، وإنما لم يكن قوله: (إِنِّي أُحِبُّهَا) جوابًا عن الأوَّل أيضًا بدون انضمام ما ذكر؛ لأن محبتها لا تمنع أن يقرأ بها فقط، وهم إنما خيروه بين قراءتها فقط، وقراءة غيرها فقط. (فَقَالَ: حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدخَلَكَ الجَنَّةَ) فيه: الرضا بفعل الرجل، وإنما عبَّر بالماضي وإن كان دخول الجنة مستقبلًا لتحقق وقوعِه.


[1] زاد في (ع): ((كل)).
[2] في (د): ((في الرفع)).
[3] في المطبوع: ((أو)).
[4] قوله: ((هو)) ليس في المطبوع و(ط) و(د).
[5] في (ح) و(ط) والمطبوع و(د): ((معدي كرب)).
[6] في (ع): ((تردد)).
[7] في (ع): ((تكرر)).
[8] في (ع): ((تقرأ)).
[9] في (د): ((البنان)).
[10] قوله: ((معها أي: مع ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]) وكان يصنع ذلك أي: ما ذكر من الافتتاح بسورة الإخلاص ثم بسورة معها)) ليس في (ع).
[11] في المطبوع: ((الهمزة))، وزاد في (ع): ((من الهمز)) فصارت الجملة كما في (ع): ((بضم أوله مع الهمز من الهمز من الإجزاء)).
[12] في المطبوع: ((تقرأ)).
[13] في المطبوع: ((تقرأ)).
[14] قوله: ((له)) ليس في (ع).
[15] زاد في (ط) والمطبوع: ((فقال أي: الرجل. (إني أحبها) أي: قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]).
[16] قوله: ((شيءٍ)) ليس في المطبوع.
[17] قوله: ((فكأنه قال: أقرأ ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]) لمحبتي إياها وأقرأ سورة أخرى إقامة للسنة كما هو المعهود في الصلاة)) ليس في (ع).