التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب آنية المجوس والميتة

          قوله: (بَابُ آنِيَةِ الْمَجُوسِ وَالْمَيْتَةِ): ساق ابن المُنَيِّر حديثَي الباب على قاعدته، ثُمَّ قال: (ترجم على آنية المجوس والأحاديثُ في أهل الكتاب؛ لأنَّه بنى(1) على أنَّ المحذور منها واحدٌ؛ وهو عدم توقِّيهم النجاسات، ونبَّه بقوله في التَّرجمة: «والميتة» على أن الحُمُرَ لمَّا كانت محرَّمةً؛ لم تُؤَثِّر فيها الذكاة)، انتهى، وقد يُقال: لعلَّ البُخاريَّ يرى أنَّ المجوسَ مِن أهل الكتاب، وهذه المسألة فيها خلافٌ للناس، والظاهر مِن حاله أنَّه يرى أنَّهم منهم؛ بدليل إخراجه حديثَ عبد الرحمن بن عوف: (أنَّ النَّبيَّ صلعم أخذ الجزيةَ من مجوس هجر) [خ¦3157]، والأشبه أنَّهم كان لهم كتابٌ فبدَّلوه، فأصبحوا وقد أُسرِيَ به، وهو أحد القولين عند الشَّافِعيَّة _أعني: أنَّهم كان لهم كتاب_ وكذا عند المالكيَّة، ومشهور مذهب مالكٍ: أنَّهم لا كتابَ لهم، وقد روى عبد بن حميد في «تفسيره»: أنَّهم كان لهم كتابٌ، قال ابن حزم: (وصحَّ أنَّه ◙ أخذ منهم الجزيةَ، ولا تُؤخَذ إلَّا من كتابيٍّ؛ لقوله: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ...}؛ الآية[التوبة:29]، وحديث: «لا تُؤكَل لهم ذبيحةٌ» مُرْسَل، وقد سُئِل ابن المُسَيِّـَب عن مريضٍ أمر مجوسيًّا أنْ يذبح ويُسمِّيَ، فقال سعيدٌ: لا بأس بذلك، وهو قول أبي قتادة وأبي ثور وأصحابِنا)، انتهى.


[1] في (أ): (لا بنى)، وفي هامشها: (لعلَّه: لينبئ، أو لينبه)، والمثبت من مصدره.