تعليقة على صحيح البخاري

باب ما قيل في ذي الوجهين

          ░52▒ (بَابُ مَا قِيلَ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ)؛ الحديث.
          إنَّما سمِّي ذو(1) الوجهين مداهنًا(2) ؛ لأنَّه يظهر لأهل المنكر أنَّه عنهم راضٍ، فيلقاهم بوجه سمح بالتَّرحيب والبشر، وكذلك يظهر لأهل الحقِّ أنَّه عنهم راضٍ، وفي باطنه غير ذلك، وهذا دأبه في أن يرضي كلَّ فريق منهم ويريهم أنَّه منهم، وإن كان في مصاحبته لأهل الحقِّ مريدًا لفعلهم، وفي صحبته لأهل الباطل منكرًا لفعلهم، فبخلطته(3) لكلا الطَّائفتين وإظهاره الرِّضا بفعلهم استحقَّ المداهنة؛ للأسباب الظَّاهرة عليه المشبهة بالدهان الذي يظهر على ظواهر الأشياء ويستر بواطنها، ولو كان مع إحدى الطَّائفتين؛ لم يكن مداهنًا، وذو الوجهين لا يكون(4) عند الله وجيهًا(5) ، ومن كان ذا لسانين في الدُّنيا؛ جعل الله له لسانين من نار يوم القيامة، فينبغي للمؤمن العاقل أن يرغب بنفسه عمَّا يوبقه ويخزيه عند الله.


[1] في (أ): (ذي).
[2] في (أ): (مراهنًا)، وهو تحريف.
[3] في (أ): (فتخليطيه)، وهو تحريف.
[4] زيد في (أ): (له).
[5] في (أ): (وجهًا).