عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

ذكر معناه
  
              

          ذكر معناه:
          قوله: (جُلُوسًا) جمع (جالسٍ)، وانتصابه على أنَّهُ خبر (كان).
          قوله: (إِذْ) كلمة مفاجأةٍ.
          قوله: (أُتِيَ) بِضَمِّ الهمزة على صيغة بناء المجهول وكذلك (أُتِي) في الموضعين الآخرين.
          وذكر ثلاثة أحوال؛ الأَوَّل: لم يترك مالًا ولا دينًا، الثاني: عليه دينٌ وترك مالًا، الثالث: عليه دينٌ ولم يترك مالًا، ولم يذكر الرابع؛ وهو الذي لا دين عليه وترك مالًا، وهذا حكمه أن يصلَّى عليه أيضًا، ولم يذكره إمَّا لأنَّه لم يقع أو لأنَّه كان كثيرًا.
          قوله: (ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ) في الأخير: وروى الحاكم مِن حديث جابرٍ وفيه: (ديناران)، وكذلك في رواية أبي داود عن جابرٍ، وفي رواية الطبرانيِّ مٍن حديث أسماء بنت يزيد كذلك.
          فَإِنْ قُلْتَ: كيف التوفيق بين رواية الثلاث ورواية الاثنين؟
          قُلْت: يُحمَل بأنَّه كان دينارين ونصفًا، فمَن قال: (ثلاثة) جبر الكَسْر، ومَن قال: (دينارين) ألغى النصف، أو كان أصلَ ذلك ثلاثةٌ، فوفى الميِّت قبل موته دينارًا، وبقي عليه ديناران، فمَن قال: (ثلاثة) فباعتبار الأصل، ومَن قال: (دينارين) فباعتبار ما بقي مِنَ الدَّين.
          قوله: (قَالَ أَبُو قَتَادَةَ) الحارث بن رِبْعيٍّ الخزرجيُّ الأنصاريُّ فارسُ رسول الله صلعم ، مرَّ في (الوضوء)، وأخرج التِّرْمِذيُّ عن نفس أبي قتادة، فقال: حَدَّثَنَا محمود بن غَيْلان قال: حَدَّثَنَا أبو داود قال: أخبرنا شعبة عن عثمان بن عبد الله بن مَوْهَبٍ قال: سمعت عبد الله بن أبي قتادة يحدِّث عن أبيه: أنَّ النَّبيَّ صلعم أُتِي برجلٍ ليصلِّيَ عليه، فقال النَّبِيُّ صلعم : «صلُّوا على صاحبكم، فإنَّ عليه دينًا» قال أبو قتادة: هو عليَّ، فقال رسول الله صلعم : «بالوفاء» قال: بالوفاء، فصلَّى عليه، وفي رواية ابن ماجه: فقال أبو قتادة: أنا أتكفَّل به، وفي رواية أبو داود: هُمَا عليَّ يا رسول الله، وفي رواية الدَّارَقُطْنيِّ: فجعل رسول الله صلعم يقول: «هما عليك، وفي مالِكَ، وحقُّ الرجل عليك، والميِّت منهما بريءٌ» فقال: نعم، فصلَّى عليه، وجعل رسول الله صلعم إذا لقي أبا قتادة يقول: «ما صنعت في الدينارين؟»، حَتَّى كان آخر ذلك، قال: قد قضيتهما يا رسول الله، قال: «الآن حين بردت عليه جلده» وفي رواية الطبرانيِّ مِن حديث أسماء بنت يزيد فقال: «على صاحبكم دينٌ؟» قالوا: ديناران، قال أبو قتادة: أنا بدينه يا رسول الله، وروى الدراقطنيُّ مِن حديث ابن عيَّاشٍ عن عطاء بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرَة، عن عليٍّ ☺ : كان رسول الله صلعم إذا أُتِي بجنازةٍ لم يسأل عن شيء مِن / عمل الرجل، أو يسأل عن دينه، فَإِنْ قِيلَ: عليه دينٌ، كفَّ، وإن قيل: ليس عليه دينٌ، صلَّى، فأُتِي بجنازةٍ فلمَّا قام ليكبِّر، سأل: «هل عليه دينٌ؟» قالوا: ديناران، فعدل عنه، وقال: «صلُّوا على صاحبكم» فقال عليٌّ ☺ : هما عليَّ، وهو بريءٌ منهما، فصلَّى عليه، ثُمَّ قال لعليٍّ: «جزاك الله خيرًا، وفكَّ الله رهانك، كما فككت رهان أخيك، إنَّهُ ليس مِن ميِّت يموت وعليه دينٌ إلَّا وهو مُرتَهنٌ بدينه، ومَن فكَّ رهان ميِّت فكَّ الله رهانه يوم القيامة» فقال بعضهم: هذا لعليٍّ خاصَّةً أم للمسلمين عامَّةً؟ قال: «بل للمسلمين عامَّةً» وروي عن أبي سعيد الخُدْريِّ نحوه، وفيه: أنَّ عليًّا قال: أنا ضامنٌ لدينه، وفي رواية الطَّحَاويِّ مِن حديث شريك، عن عبد الله بن محمَّد بن عُقَيل قال: إنَّ رجلًا مات وعليه دينٌ، فلم يصلِّ عليه النَّبِيُّ صلعم ، حَتَّى قال أبو اليَسَر أو غيرُه: هو عليَّ، فصلَّى عليه، فجاءه مِنَ الغد يتقاضاه، فقال: أَما كان ذلك أمسِ، ثُمَّ أتاه مِن بعد الغد فأعطاه، فقال النَّبِيُّ صلعم : «الآن بَرُدَت عليه جلدته».