عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب التبكير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب
  
              

          ░6▒ (ص) بابُ التَّكْبِيرِ والغَلَسِ بِالصُّبْحِ والصَّلَاةِ عِنْدَ الإغَارَةِ والحَرْبِ.
          (ش) أي: هذا باب في بيان التَّكبير.
          مِن كبَّر يكبِّر تكبيرًا، وهو قول: الله أكبر، هكذا هو في معظم الرِّوايات، وفي رواية الكُشْميهَنيِّ: <التَّبكير> بتقديم الباء المُوَحَّدة، مِن بكَّر يُبكِّر تبكيرًا؛ إذا أسرع وبادر، و(الغَلَسِ) بفتحتين: الظُّلمة آخرَ اللَّيل، والمرادُ منه التَّغليسُ بصلاة الصُّبح.
          قوله: (عِنْدَ الإغَارَةِ) يتعلَّق بـ(التَّكبير) وما عُطِفَ عليه، و(الإغارة) بكسر الهمزة في الأصل: الإسراع في العَدْوِ، يُقال: أَغَارَ يُغِيرُ إِغَارَةً، وكذلك (الغَارة)، والمراد به ههنا: الهُجومُ على العدوِّ على وجه الغَفلة، وهو من الأجوفِ الواويِّ.
          فَإِنْ قُلْتَ: ما مناسبة ذكر هذا الباب في (كتاب صلاة الخوف) ؟
          قُلْت: قيل: أشار بذلك إلى أنَّ صلاةَ الخوف لا يُشترط فيها التَّأخير إلى آخر الوقت، كما شَرَطَهُ مَنْ شَرَطَهُ في صلاة شِدَّة الخوف عند التِحام القِتال، وقيل: يحتمل أن يكون للإشارة إلى تعيُّن المُبادرة إلى الصَّلاة في أَوَّل وقتها.
          قُلْت: هذا وجهٌ بعيدٌ لا يَخفى ذلك؛ لأنَّ محلَّ ذلك في (كتاب الصَّلاة).