الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب صدقة الفطر على الحر والمملوك

          ░77▒ (بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ): تقدم قبل خمسة أبواب: بابُ صدقة الفطر على العبد وغيره، وهذا معه بحسبِ النَّظرِ كالتِّكرار، لكن أجيب: بأنه قُيِّد هناك في روايةِ ابن عساكر بقوله: <من المسلمين> وفيه: أنَّه لا يدفعُ التَّكرار؛ لأنَّ ذلك أخص.
          وأجاب الزين ابن المنير: بأن غرضَهُ من الترجمة الأولى: أنَّ الصَّدقةَ لا تخرجُ عن كافرٍ، ولذا قيدها بقوله: من المسلمين، وغرضهُ من هذه تمييز من تجبُ عليه أو عنه بعد وجودِ الشرط المذكور، وهو الإسلامُ، ولذا استغنى عن ذكره هنا.
          وأجاب ابنُ رشيد: باحتمالين:
          أحدهما: أن يكونَ أرادَ تقوية معارضة العموم في قوله: ((والمملوك)) لمفهوم قوله: من المسلمين، أو أرادَ أنَّ زكاة العبدِ من حيث هو مالٌ لا من حيث هو نفس، وعلى كلِّ تقديرٍ فيستوي في ذلك مسلمهم وكافرهم. انتهى فتأمَّل.
          (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْمَمْلُوكِينَ): أي: في شأنهم، و((المملوكِين)) بكسر الكاف، جمع: مملوك؛ أي: الأرقاء (لِلتِّجَارَةِ): فاللام للتعليل متعلقة بالمملوكين، وأعربهُ كثيرون حالاً، وفي بعض الأصول الصَّحيحة: <في المملوك> بالإفراد وهو يناسب (يُزَكَّى): بالإفراد إنْ بنيْتَه للمفعول، وأما على بنائه للفاعل فيظهر على الوجهين (فِي التِّجَارَةِ): أي: زكاة قيمتهِ لتقويمِهِ آخرَ الحولِ (وَيُزَكَّى): بالوجهين أيضاً (فِي الْفِطْرِ): أي: زكاة البدنِ، وهذا مذهبُ الجمهور.
          وقال النَّخعي والثَّوري والحنفية: لا يلزمُ السيد زكاةَ الفطرِ عن عبيد التِّجارة؛ لأنَّ عليه فيهم الزكاة، ولا تجبُ في مالٍ واحدٍ زكاتان.
          تنبيه: قال في ((الفتح)): وصل تعليق الزُّهري ابن المنذر في كتابه ((الكبير)) ولم أقفْ على إسناده، وذكر بعضَهُ أبو عُبيد في كتاب ((الأموال)) بسندِهِ عن ابن شهابٍ قال: ليس على المملوكِ زكاةٌ، ولا يزكِّي عنه سيِّدهُ إلا زكاةَ الفطرِ. انتهى فتأمَّله.