الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الوتر في السفر

          ░6▒ (بَابُ الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ): أي: كالحضر، لا ما زعم بعضُهم من عدم طلبه للمسَافر.
          ومِن ثمَّ قال في ((الفتح)): أشار بهذه التَّرجمة إلى الرَّدِّ على مَن قال: لا يُسنُّ في السَّفر، وهو منقولٌ عن الضَّحَّاك، وأمَّا قول ابن عُمر: لو كنت مسبِّحاً في السَّفر لأتممتُ _كما أخرجه مسلمٌ وأبو داود عن ابن عُمر_ فإنَّما أراد به راتبةَ المكتوبة لا النَّافلة المقصودة كالوتر، وذلك ظاهرٌ مِن سياق الحديث المذكور، فقد رواه التِّرمذيُّ من وجهٍ آخر بلفظ: ((سافرتُ مع النَّبيِّ وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمان، فكانوا يصلُّون الظُّهر والعصر ركعتين ركعتين، لا يصلُّون قبلها ولا بعدها، فلو كنت مصلِّياً قبلها أو بعدها لأتممتُ)) ويحتمل أن تكون التَّفرقة بين نوافل النَّهار ونوافل اللَّيل، فإنَّ ابن عُمر كان يتنفَّل على راحلتهِ وعلى دابَّته في اللَّيل وهو مسافرٌ، وقد قال مع ذلك ما قال.
          تنبيه: قال: في الباب أحاديث ليست للبُخاريِّ ☼ فخرَّج ابن ماجه عن ابن عُمر وقال: أقبَلَ علينا رسول الله فقال: ((يا معشَرَ المهاجِرِينَ خمسٌ إن ابتُلِيتم بهنَّ وأعوذ بالله أن تدركُوهنَّ لم تظهَرِ الفاحِشَةُ في قَومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بها إلَّا فشا فيهم الطَّاعونُ والأوجَاعُ الَّتي لم تكُنْ مضَت في أسلافِهِمْ الذين مضَوا، ولم ينقِصُوا المكيَالَ والميزَانَ إلَّا أخذوا بالسِّنِينَ وشدَّةِ المؤنَةِ وجَورِ السُّلطَانِ عليهم ولم يمنَعُوا زكاةَ أموَالِهِم إلَّا مُنِعوا القطرَ من السَّماءِ ولولا البهَائِمُ لم يُمطَرُوا ولم ينقُضُوا عهدَ الله وعهد رسولِهِ إلَّا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرِهِم حتى يأخُذُوا بعضَ ما في أيدِيهِم وما لم يحكُمْ أئمَّتُهُم بكتَابِ اللهِ ويتَحرُّوا ما أنزَلَ اللهُ إلَّا جعلَ الله بأسَهَم بينهم)) وفي سندهِ ابن أبي مالكٍ الدِّمشقيِّ ضعيف، انتهى وأطالَ فليراجع.