الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث ابن عمر: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع

          993- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ) أي: الجعفيُّ الكوفيُّ نزيل مصرَ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (ابْنُ وَهْبٍ) المصريُّ، ولأبي ذرٍّ: <عبد الله بن وهب> (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَمْرٌو) بفتح العين، ابن الحارثِ (أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ) ولأبوي ذرٍّ والوقت والأصيليِّ عن المستملي: <عمرو بن الحارث أنَّ عبد الرحمن> (ابْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ) أي: القاسم بن محمَّد بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) أي: ابن الخطَّاب.
          (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ) ولأبي ذرٍّ في نسخةٍ: <رسول الله> (صلعم صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى) بتكريرهِ للمبالغة كما مرَّ (فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً) أي: واحدةً (تُوتِرْ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ) بجزم ((توترْ)) ورفعه، تقدَّم البحث في ذلك أوَّل الباب.
          (قَالَ الْقَاسِمُ) أي: ابن محمد بن أبي بكرٍ بالإسناد المارِّ، فهو موصولٌ، وليس بمعلَّقٍ كما زعمه العينيُّ (وَرَأَيْنَا أُنَاساً مُنْذُ أَدْرَكْنَا) أي: بلغنا أو عقلنا (يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ) وقوله: (وَإِنَّ) بتشديد النون وكسر الهمزة عطف على: ((ورأينا))، فهو من مقولِ القاسم أيضاً (كُلًّا) أي: من الإيتار بركعةٍ أو بثلاثٍ.
          وقال الكرمانيُّ: ((وإن كلًّا)) أي: من الركعةِ والثلاثِ والخمسِ والسَّبعِ والتَّسعِ والأحدَ عشَر، وردَّه العينيُّ: بأنَّ الكلام في الوتر الذي هو ركعة، أو ثلاثٌ وما فوق الثَّلاث من الأوتارِ ليس فيه خلافٌ، انتهى.
          (لَوَاسِعٌ) أي: جائزٌ (أَرْجُو) أي: أؤملُ، ولأبي ذرٍّ: <وأرجو> (أَنْ لَا يَكُونَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بَأْسٌ) فلا حرجَ في فعل أيِّهما شاء.
          وفي العينيِّ: قال بعضُهم: فيه: أنَّه يقتضي أنَّ القاسم فهم من قوله: ((فاركع ركعةً)) أي: منفردةً، ودلَّ ذلك على أنَّه لا فرق عندهُ بين الوصل والفصل في الوتر، قلت: القاسمُ صاحب لسانٍ وفهمٍ وعلمٍ، كيف ينسبُ إليه ما لا يدلُّ عليه اللَّفظ؟ فإن قوله: ((فاركع ركعةً)) / يعني: ركعةً واحدةً، وهو أعمُّ من أن تكون متَّصلةً، أو منفصلةً، ولكن قوله: ((توترُ لك ما صلَّيت))، يدلُّ على أنَّه يوصلها بالرَّكعتين اللتين قبلها حتى يكون ما صلَّاه وتراً ثلاث ركعاتٍ.