إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون

          5950- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) عبد الله بن الزُّبير قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة (قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان بنُ مهران (عَنْ مُسْلِمٍ) أبي الضُّحى بن صُبَيح _بضم الصاد المهملة مصغَّرًا_ الهمدانيِّ الكوفيِّ، أنَّه (قَالَ: كُنَّا مَعَ مَسْرُوقٍ) هو ابنُ الأجدع (فِي دَارِ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ) بالتحتية والمهملة المخففة، و«نُمَير» بضم النون وفتح الميم، المدنيِّ الكوفيِّ (فَرَأَى) مسروق (فِي صُفَّتِهِ) بضم الصاد المهملة وتشديد الفاء (تَمَاثِيلَ) جمع تِمْثَال، بكسر الفوقية وبعد الميم الساكنة مثلثة، وهو الصُّورة، والمراد بها صورة الحيوان، وفي «مسلم» «قال لي مسروقٌ: هذه تماثيلُ كسرى؟ فقلت: لا، هذه تماثيلُ مريم» (فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ) يعني: ابنَ مسعود (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم ) حال كونه (يَقُولُ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللهِ) أي: في حكمِ الله تعالى (يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ) الَّذين يصوِّرون أشكالَ الحيوانات الَّتي تُعْبَدُ من دون الله، فيحُكُّونَها(1) بتخطيطٍ أو تشكيلٍ، عالمين بالحرمةِ قاصدين ذلك لأنَّهم يكفرون به فلا يبعدُ دخولهم مدخلَ آل فرعون، أمَّا من لا يقصدُ ذلك فإنَّه يكون عاصيًا بتصويرهِ(2) فقط كذا في الفرع، وفي عدَّة أصول مُعتمدة، والَّذي في «فتح الباري» «إنَّ أشدَّ النَّاس عذابًا عند الله المصورون» بإسقاط «يوم القيامة» قال: ووقع في رواية الحميديِّ في «مسنده» عن سفيان «يوم القيامة» بدل قوله: «عند الله» قال: فلعلَّ الحميديَّ حدَّث به على الوجهين بدليل ما وقع في التَّرجمة، أو لما حدَّث به البخاريَّ حدَّث به بلفظ عند الله. والتَّرجمة مطابقة للَّفظ الَّذي في حديث ابن عمر، ثاني حديثي(3) الباب. انتهى.
          وفي «عمدة القاري» للعلامة العينيِّ: ”إن أشدَّ النَّاس عذابًا يوم القيامة المصورون“ بإسقاط «عند الله» وهو مطابقٌ للتَّرجمة. وقال النَّوويُّ: قال العلماء: تصوير الحيوان حرامٌ شديد التَّحريم وهو من الكبائر لأنَّه متوعَّدٌ عليه بهذا الوعيد الشَّديد، وسواء صنعَه لما يمتهنُ أم لغيره، وسواء كان في ثوبٍ، أو بساطٍ، أو درهمٍ، أو دينار، أو فلسٍ، أو إناءٍ‼، أو حائطٍ، أو غيرها، وأمَّا تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرامٍ.
          وهذا الحديثُ أخرجهُ في «اللِّباس» [خ¦5954]، والنَّسائيُّ في «الزِّينة». /


[1] في (م): «فيحكمونها».
[2] في (ص) و(م) و(د): «بتقصيره».
[3] في (د): «حديث».