إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رخص النبي للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكة بهما

          5839- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدٌ) هو: ”ابن سلام“ كما في رواية ابنِ السَّكن وجزم به المزِّيُّ في «أطرافه» قال: (أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ) هو ابنُ الجرَّاح قال: (أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة (عَنْ أَنَسٍ) ☺ أنَّه (قَالَ: رَخَّصَ النَّبِيُّ صلعم لِلزُّبَيْرِ) بن العوَّام (وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (فِي لُبْسِ الحَرِيرِ لِحِكَّةٍ بِهِمَا) أي: لأجل حكَّةٍ حصلتْ بأبدانهما، وفي رواية «في السَّفر لحكَّة» أو وجعٍ كان بهما، وأرخصَ لهما في لبسه للقمل، رواها البخاريُّ [خ¦2920] ومسلمٌ، والمعنى يقتضِي عدم تقييد ذلك بالسَّفر، وإن ذكره الرَّاوي حكايةً للواقعة. وقال السُّبكيُّ: الرِّوايات في الرُّخصة لعبد الرَّحمن والزُّبير يظهر أنَّها مرَّةٌ واحدةٌ اجتمع عليهما الحكَّة والقمل في السَّفر، وكأنَّ الحِكَّة نشأتْ عن أثرِ القمل، وحينئذٍ فقد يقال: المقتضِي للتَّرخيص إنَّما هو اجتماع الثَّلاثة وليس أحدها بمنزلتها، فينبغي اقتصار الرُّخصة على مجموعها، ولا يثبتُ في بعضها إلَّا بدليل(1). ويجاب بعد تسليم ظُهور أنَّها مرَّةٌ واحدةٌ بمنع أنَّ أحدها ليس بمنزلتهَا في الحالة(2) الَّتي عهد إناطةَ الحُكمِ بها نظرًا لإفرادها في(3) القوَّة والضَّعف، بل كثيرًا ما تكون الحاجة في أحدها لبعض النَّاس أقوى منها في الثَّلاثة لبعضٍ(4) آخر‼، أمَّا استعمالها لغير حاجةٍ في حقِّ من ذكر فحرامٌ كما مرَّ، ويلحقُ بما ذكر من الحكَّة وغيرها ما يقِي من الحرِّ والبردِ حيث لا يوجدُ غيره إذا خشيَ منهما الضَّرر، ولو في الحضر.
          وهذا الحديث مضى في «الجهاد» [خ¦2919]، وأخرجه مسلمٌ في «اللِّباس».


[1] في (د): «لدليل».
[2] في (د): «الحاجة». كذا في أسنى المطالب.
[3] في (م) و(د): «الحكم عن ذلك لإفرادها». وفي أسنى المطالب: «إناطة الحكم من غير نظر لإفرادها...».
[4] في (ص): «كبعض».