إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أهدي لرسول الله فروج حرير فلبسه

          5801- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) البلخيُّ، وسقط لأبي ذرٍّ «ابن سعيد» قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بنُ سعد (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ) اسمه سويد المصريُّ (عَنْ أَبِي الخَيْرِ) مرثد بنِ عبد الله اليَزَنيِّ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) / الجهنيِّ ( ☺ ، أَنَّهُ قَالَ: أُهْدِيَ) بضم الهمزة وكسر الدال المهملة (لِرَسُولِ اللهِ صلعم فَرُّوجُ حَرِيرٍ) بالإضافة (فَلَبِسَهُ) لكونه كان حلالًا (ثُمَّ صَلَّى فِيهِ) زاد أحمدُ من طريق ابن إسحاق وعبدِ الحميد «ثمَّ صلى فيه(1) المغرب» (ثُمَّ انْصَرَفَ) من صلاته بأن سلَّم بعد فراغه (فَنَزَعَهُ) أي: الفرُّوج (نَزْعًا شَدِيدًا) مخالفًا لعادته في الرِّفق (كَالكَارِهِ لَهُ) لوقوعِ تحريمه حينئذٍ (ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي هَذَا) الحرير (لِلْمُتَّقِينَ) فيتناول اللُّبس وغيره من الاستعمالِ كالافتراش، والمرادُ بالإشارة اللُّبس، وأمَّا المتَّقون فهم المؤمنون الَّذين(2) وقوا أنفسهُم من الخلودِ في النَّار، وهذا مقامُ العموم والنَّاس فيه على درجاتٍ، ومقامُ الخصوص مقامُ الإحسان، والمراد هنا الأوَّل، وهذه القصَّة كانت مبدأَ تحريم لبس الحرير، والرَّاجحُ أنَّ النِّساء لا يدخلنَ في لفظ هذا الحديثِ، ودخولهنَّ بطريقِ التَّغليب مجازٌ يمنعُ منه ورودُ الأدلَّة الصَّريحة على إباحته لهنَّ، وأمَّا الصِّبيان فلا يحرم عليهم لأنَّهم لا يوصفون بالتَّقوى؛ لأنَّهم غير مكلَّفين، وهذا ما صحَّحه الرَّافعي في «المحرر» والنَّوويُّ في «نُكته» وصحَّح الرَّافعي في «شرحيه» تحريمه بعد السَّبْعِ لئلَّا يعتاده، وفي «المجموع» ولو ضُبِطَ بالتَّمييز على هذا كان حسنًا، وصحَّح ابن الصَّلاح تحريمهُ مطلقًا لظاهر خبر «هذان حرام على ذكور أمَّتي». قال في «المجموع»: ومحلُّ الخلاف في غير يوم العيد أمَّا فيه فيحلُّ تزيينهم به، وبالذَّهب والفضة قطعًا؛ لأنَّه يوم زينة وليس على الصَّبيِّ تعبُّد، وتعبيرهم بالطِّفل أو الصَّبي يُخْرِجُ المجنونَ، وتعليلهم يدخله وفاقًا، كما صرَّح به الغزالي (تَابَعَهُ) أي: تابعَ قتيبةَ بن سعيد في روايتهِ عن اللَّيث (عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ، شيخ المؤلِّف (عَنِ اللَّيْثِ) بن سعدٍ الإمام، فيما سبق مسندًا في «باب من صلَّى في فَرُّوج حرير ثمَّ نزعه» من «كتاب الصَّلاة» [خ¦375] (وَقَالَ غَيْرُهُ) غير عبد الله بن يوسف، فيما وصلَه أحمد عن حجَّاج بن محمَّد، ومسلم والنَّسائيُّ عن قتيبة والحارث عن يونسَ بن محمد المؤدِّب، كلُّهم عن اللَّيث بلفظ: (فَرُّوجٌ حَرِيرٌ‼) بالتَّنوين فيهما، وحكي ضم(3) الفاء وتخفيف الراء. وقال السَّفاقسيُّ: والفتح أوجه؛ لأنَّ فَعُّولًا لم يردْ إلَّا في سُبُّوح وقُدُّوس(4) وفَرُّوخ يعني: الفرخ من الدَّجاج، لكن قال في «الفتح»: إنَّ الضَّمَّ(5) يُحكى عن أبي العلاء المعرِّي.
          وحديث الباب سبق في «الصَّلاة» [خ¦375].


[1] «ثم صلى فيه»: ليست في (د).
[2] في (د): «الذي».
[3] في (د): «فيهما وضم».
[4] في (د): «وقدوس».
[5] في (ص): «الفتح».