إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته

          5653- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) أبو محمَّد الدِّمشقيُّ، ثمَّ التِّنِّيسيُّ، الكلاعيُّ الحافِظ قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”أَخْبرنا“ (اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (ابْنُ الهَادِ) هو يزيدُ بن عبد الله بن أسامة اللَّيثيُّ (عَنْ عَمْرٍو) بفتح العين (مَوْلَى المُطَّلِبِ) بن عبد الله بن حَنطب (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ) تعالى (قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي) المؤمن (بِحَبِيبَتَيْهِ) بالتَّثنية، أي: مَحبوبتيه إذ هما أحبُّ أعضاء الإنسان إليه لما يحصلُ(1) له بفقدهما من الأسف على فواتِ رُؤية ما يريد رُؤيته من خيرٍ فيسرُّ به، أو شرٍّ فيجتنبه (فَصَبَرَ(2)) مستحضِرًا ما وعدَ الله به الصَّابرين من الثَّواب لا أن يصبرَ مجرَّدًا عن ذلك؛ لأنَّ الأعمال بالنِّيَّات. زاد التِّرمذيُّ: ”واحتسَبَ“ (عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا(3) الجَنَّةَ) وهي أعظمُ العوض؛ لأنَّ الالتِذاذ بالصَّبر يفنى بفناءِ الدُّنيا، والالتذاذ بالجنَّة باقٍ ببقائِها. وفي حديثِ أبي أُمامة في «الأدب المفرد» للمؤلِّف: «إذا أخذتُ كريمتيك فصَبرت عند الصَّدمة واحتَسبتَ». قال(4) في «الفتح»: فأشارَ إلى أنَّ الصَّبر النَّافع هو ما يكونُ في أوَّل وقوع البلاء فيفوِّض ويسلِّم، وإلَّا فمتى ضجرَ(5) وقلق في أوَّل وهلةٍ، ثمَّ يئس فصبر لا يحصل له الغرضُ المذكور.
          قال أنسٌ: (يُرِيدُ) بقوله: «حبيبَتَيه» (عَيْنَيْهِ. تَابَعَهُ) أي: تابع عمرًا مولى المُطَّلب (أَشْعَثُ ابْنُ جَابِرٍ) نسبه لجدِّه، واسم أبيه عبدُ الله، البصريُّ الحُدَّانِيُّ _بضم الحاء وتشديد الدال المهملتين وبعد الألف نون مكسورة_ تُكُلِّمَ فيه. وقال الدَّارقُطنيُّ:(6) يُعتبر به. وليس له في البخاريِّ إلَّا هذا الموضع ممَّا وصله أحمدُ (وَ) تابعه أيضًا (أَبُو ظِلَالٍ) بكسر المعجمة وتخفيف الَّلام، ولأبي ذرٍّ: ”وأبو ظلال بن هِلال“ كذا في الأصل، والصَّواب حذف «ابن» فأبو(7) ظِلال اسمه هِلال. قاله في «الفتح».
          وهذا وصلَه عبدُ بن حُميد (عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) ولفظُ الأوَّل: «قال ربُّكم: من أذهبتُ كريمتيه، ثمَّ صبرَ واحتسبَ كان ثَوابه الجنَّة» والثَّاني: «ما لمنْ أخذتُ كريمتيهِ عندِي(8) جزاءٌ إلَّا الجنَّة».


[1] في (م): «يجعله».
[2] في (م): «فيصبر».
[3] في (م): «عنهما».
[4] في (م): «قاله».
[5] في (م) و(د): «تضجر»، كذا في «الفتح».
[6] في (م) و(د): «أنه».
[7] في (م): «أبو».
[8] «عندي»: ليست في (م).