إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله

          5652- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابنُ مسرهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هو ابنُ سعيدٍ القطَّان (عَنْ عِمْرَانَ‼) بن مسلم (أَبِي بَكْرٍ) البصريِّ التَّابعيِّ الصَّغير، أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد(1) (عَطَاءُ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ : (أَلَا(2) أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى(3)، قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ) اسمُها سُعَيرة(4) _بالمهملات_ الأسديَّة، كما في «تفسير ابن مردويه» وبالكاف(5) عند المستغفريِّ في «كتاب الصَّحابة» وأخرجهُ أبو موسى في «الذَّيل» (أَتَتِ النَّبِيَّ صلعم فَقَالَتْ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”قالتْ(6) المرأةُ“: (إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ) بفتح الفوقية والشين المعجمة المشدَّدة، ولأبي ذرٍّ: ”أنْكشِفُ“ بالنُّون السَّاكنة بدل الفوقية وكسر المعجمة مُخفَّفة (فَادْعُ اللهَ لِي) أن يشفينِي من ذلك الصَّرع (قَالَ) صلعم مخيِّرًا لها: (إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ) على ذلك (وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ) يا رسول الله (فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ) بالفوقيَّة وتشديد المعجمة المفتوحة، ولأبي ذرٍّ: ”أنْكشِف“ بالنون الساكنة وكسر المعجمة (فَادْعُ اللهَ) زاد أبو ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”لِي“ (أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ) ولأبي ذرٍّ: ”أن لا(7) أنكشِف“ (فَدَعَا لَهَا) صلعم .
          قال ابنُ القيِّم في «الهدي النَّبوي»: من حدَث له الصَّرع وله خَمس(8) وعشرون سنةً، وخُصوصًا بسببٍ دِماغيٍّ أيس من برئه، وكذلك إذا استمرَّ به إلى هذا السِّنِّ. قال: فهذهِ المرأة الَّتي جاء في الحديثِ أنَّها كانت تُصرع وتنكشفُ يجوزُ أن يكون صَرعها من هذا النَّوع، فوعدَها صلعم بصبرها على هذا(9) المرض بالجنَّة. /
          وهذا الحديث أخرجهُ مسلمٌ في «الأدب» والنَّسائيُّ في «الطِّبِّ».
          وبه قال: (حَدَّثَنَا(10) مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سلامٍ قال: (أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللَّام، ابنُ يزيد (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبدُ الملك، أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَطَاءٌ) هو ابنُ أبي رباح (أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ) بضم الزاي وفتح الفاء بعدها راء (تِلْكَ امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ(11) عَلَى سِتْرِ الكَعْبَةِ) بكسر السين، أي: جالسةٌ عليه مُعتمدة. وفي حديث ابن عبَّاس عند البزَّار أنَّها قالت: «إنِّي أخافُ الخبيث أن يجرِّدني(12) فدَعا لها، فكانتْ إذا خشيتْ أن يأتيها(13) تأتي أستارَ الكعبةِ فتتعلَّقُ بها». وذكر ابنُ سعدٍ وعبدُ الغنيِّ في «المبهمات» من طريق الزُّبير أنَّ هذه المرأة هي ماشِطة خديجة الَّتي كانت تتعاهدُ النَّبيَّ صلعم بالزِّيارة. قال الكِرمانيُّ: وأمُّ زفر كنية تلك المرأة المصروعة. انتهى.
          لكن الَّذي يُفهم من كلامِ الذَّهبيِّ‼ في «تجريده» أنَّ أمَّ زُفر غير السَّوداء المذكورة لأنَّه ذكر كلَّ واحدةٍ منهما في باب.


[1] في (م): «بالإفراد».
[2] في (م): «أني».
[3] في (م): «نعم».
[4] في (م): «مسبرة».
[5] أي: سُكيرة، وقوله: «وبالكاف» زيادة من الفتح والعمدة، وهما مصادر المصنف.
[6] في (د): «فقالت».
[7] «أن لا»: ليست في (د).
[8] في (د): «خمسة».
[9] «هذا»: ليست في (م).
[10] في (د): «أخبرنا».
[11] «سوداء»: ليست في (م).
[12] في (م) و(د): «يعريني».
[13] في (م): «يأتي لها».