إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم

          5648- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) عبد الله بنُ عثمان (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ) بالحاء المهملة والزاي، محمد ابن ميمون السُّكَّريِّ _بضم السين المهملة وتشديد الكاف_ (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بنِ مهران (عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود، أنَّه (قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ) ولأبوي(1) الوقتِ وذرٍّ: ”على النَّبيِّ“ ( صلعم وَهْوَ يُوعَكُ) الواو للحال (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تُوعَكُ) ولأبي ذرٍّ: ”لتوعك“ (وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: أَجَلْ) نعم (إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ) أُحَمُّ كما يُحَمُّ (رَجُلَانِ مِنْكُمْ) قال ابنُ مسعود: (قُلْتُ: ذَلِكَ)‼ التَّضاعف (أَنَّ) ولأبي ذرٍّ: ”بأن“ (لَكَ أَجْرَيْنِ. قَالَ) ╕ : (أَجَلْ) نعم (ذَلِكَ) التَّضاعف (كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ) بالتَّنكير للتَّقليل لا للجنسِ ليصحَّ ترتب قوله: (فَمَا فَوْقَهَا) ودونها في العِظَم والحقارةِ عليه بالفاء، وهو يحتملُ وجهين فوقها في العِظم، ودونها في الحقارةِ وعكس ذلك، قاله في «الفتح» كـ «الكواكب» (إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا) وفي حديث سعد بنِ أبي وقاص عند الدَّارميِّ والنَّسائيِّ في «الكبير» وصحَّحه التِّرمذيُّ وابن حبَّان: «حتَّى يمشِي على الأرضِ وما عليه خطيئة».
          فإن قلتَ: ما المطابقةُ بين الحديثِ والتَّرجمة؟ أُجيب: بأنْ(2) يُقاس سائر الأنبياءِ على نبينا صلعم ويلحقُ الأولياء بهم لقربهم منهم، وإن كانت درجتهم منحطةً عنهم، وأما العلَّة فيه فهي أنَّ البلاءَ في مقابلةِ النِّعمة، فمن كانتْ نعمةُ الله / عليه أكثر كان بلاؤهُ أشدَّ، ولذا ضُوعف حدُّ الحرِّ على العبد، وقيل لأمهات المؤمنين: {مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}[الأحزاب:30]، قاله في «الفتح» كالكِرمانيِّ.


[1] في غير (د): «ولأبي».
[2] في (د): «بأنه».