إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم}

          ░2▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}) مبتدأٌ ضُمِّن معنى الشَّرط فوقع خبره مع الفاء، وهو قوله: ({فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}[النساء:33]) ويجوز أن يكون منصوبًا على حدِّ قولك(1): زيدًا فاضربه، ويجوز أن يُعطَف على {الْوَالِدَانِ}(2) ويكون المضمر(3) في {فَآتُوهُمْ} للموالي، والمراد بـ {الَّذِينَ عَقَدَتً أَيْمَانُكُمْ}: موالي الموالاة، كان الرَّجلُ يعاقد الرَّجلَ فيقول: دمي دمك، وثأري ثأرك، وحربي حربك، وسلمي سلمك، وترثني وأرثك، وتُطلَب بي وأُطلَب بك، وتعقل عنِّي وأعقل عنك، فيكون للحليف السُّدس من ميراث الحليف، فنُسِخ بقوله تعالى: {وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأحزاب:6] ووجه دخول هذا الباب هنا _كما قاله ابن المُنيِّر_ أنَّ الحلف كان في أوَّل الإسلام يقتضي استحقاق الميراث، فهو مالٌ أوجبه عقد التزامٍ(4) على وجه التَّبرُّع فلزم، وكذلك الكفالة إنَّما هي التزام مالٍ بغير عوضٍ تطوُّعًا فلزم.


[1] في (ص) و(ل): «على قولك».
[2] في غير (د): «الولدان»، وهو تحريفٌ.
[3] في (ب) و(س): «الضَّمير».
[4] في (د): «الالتزام».