إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي

          2013- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام (عَنْ سَعِيدٍ) هو ابن أبي سعيدٍ كيسان المدنيِّ (المَقْبُرِيِّ) كان جارًا للمقبرة فنُسِب إليها، وثَّقه أحمد وابن المدينيِّ وأبو زرعة والنَّسائيُّ وغيرهم، وذكر الواقديُّ: أنَّه اختلط قبل موته بأربع سنين، ولم يُتَابع الواقديُّ على ذلك، نعم؛ قال شعبة: حدَّثناه(1) سعيدٌ بعد ما كبر، وعن يحيى بن معينٍ: أثبتُ النَّاس فيه ابن أبي ذئبٍ، وعن ابن خِرَاشٍ: أثبتُ النَّاس فيه اللَّيث بن سعدٍ، قال ابن حجرٍ: أكثر ما خرَّج له البخاريُّ من حديث هذين عنه، وأخرج له أيضًا من حديث مالكٍ وإسماعيل بن أميَّة وعبيد الله بن عمر العمريِّ وغيرهم من الكبار، وروى‼ له الباقون، لكن لم يخرِّجوا من حديث شعبة عنه شيئًا (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ الزُّهريِّ أحد الأعلام، اختُلِف في اسمه، قال مالكٌ: اسمه كنيته (أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ ♦ : كَيْفَ كَانَتْ(2) صَلَاةُ / رَسُولِ اللهِ صلعم فِي) ليالي (رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ) ╕ (يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهَا) من ليالي غيره، ولابن عساكر وأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ولا في غيره“ أي: في غير رمضان (عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) وحديثها: «أنَّه صلعم كان إذا دخل العشر يجتهد فيه(3) ما لا يجتهد في غيره» يُحمَل على التَّطويل في الرَّكعات دون الزِّيادة في العدد، نعم في رواية هشام بن عروة عن أبيه [خ¦1170] «كان يصلِّي من(4) اللَّيل ثلاث عشرة ركعةً»، لكن أُجيب بأنَّ منها ركعتي الفجر كما صرَّح بذلك في رواية القاسم عنها (يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ(5) عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ) أي: هنَّ في نهايةٍ من كمال الحسن والطُّول، مستغنياتٍ _لظهور حسنهنَّ وطولهنَّ_ عن الوصف (ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا) قالت: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي) وإنَّما كان قلبه الشَّريف لا ينام لأنَّ القلب إذا قويت فيه الحياة لا ينام إذا نام البدن، فافهم.
          وهذا الحديث قد سبق في «باب قيام النَّبيِّ صلعم باللَّيل في رمضان وغيره» [خ¦1147] من «أبواب التَّهجُّد».


[1] في (ب) و(م): «حدَّثنا».
[2] «كانت»: سقط من (م).
[3] في غير (س): «فيها».
[4] في (ب): «في».
[5] في (س): «تسأل»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة»، وكذا في الموضع اللَّاحق.