إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله

          1813- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام (عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ(1) عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ☻ قَالَ: حِينَ خَرَجَ) أي: حين أراد أن يخرج (إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ) حين نزل(2) الحجَّاج لقتال ابن الزُّبير: (إِنْ صُدِدْتُ) أي: إن(3) مُنِعت (عَنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَأَهَلَّ) أي: فرفع ابن عمر صوته بالإهلال (بِعُمْرَةٍ) من ذي الحليفة، أو من المدينة(4)، وأظهرها: بذي الحليفة (مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ إِنَّ / عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا) أي: الحجُّ والعمرة في جواز التَّحلُّل منهما بالإحصار (إِلَّا وَاحِدٌ، فَالتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الحَجَّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَأَهْدَى) بضمِّ الميم وسكون الجيم وكسر الزَّاي بغير همزةٍ(5) في «اليونينيَّة»، وكشطها في: الفرع، وأبقى الياء صورتها، منصوبًا على أنَّ «أنَّ» تنصب الجزأين أو خبر «كان» محذوفةً، أي: ورأى أنَّ ذلك يكون مجزيًا عنه، ولأبي ذرٍّ: ”مجزئٌ“ بالهمزة(6)، والرَّفع خبر «أنَّ»، وقوله في «الفتح»: والذي عندي أنَّ النَّصب من خطأ الكاتب، فإنَّ أصحاب «المُوطَّأ» اتَّفقوا على روايته بالرَّفع على الصَّواب، تعقَّبه في «عمدة القاري» بأنَّه إنَّما يكون خطأً لو لم يكن له وجهٌ في العربيَّة، واتِّفاق أصحاب «المُوطَّأ» على الرَّفع لا يستلزم كون النَّصب خطأً، على أنَّ دعوى اتِّفاقهم على الرَّفع لا دليل لها(7). والإجزاء هو الأداء الكافي لسقوط التَّعبُّد، ووجه ذكر حديث ابن عمر ☺ في هذا الباب شهرة قصَّة صدِّ المشركين للنَّبيِّ صلعم وأصحابه ♥ بالحديبية، وأنَّهم لم يُؤمَروا بالقضاء في ذلك.
          وهذا الحديث سبق في «باب إذا أُحصِر المعتمر» [خ¦1806] قريبًا.


[1] «أنَّ»: سقط من (ب).
[2] في غير (ص) و(م): «نزول».
[3] «إن»: مثبتٌ من (ص).
[4] في (ص): «الحديبية».
[5] في (د) و(س): «همزٍ».
[6] في (د): «بالهمز».
[7] في (ب) و(س): «لا دليل عليه»، وفي (د): «لا دليل لها عليه».