إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار

          7244- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذَكْوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هُرمزٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرأً مِنَ الأَنْصَارِ) قال البغويُّ في «شرح السُّنَّة» فيما نقله عنه في «شرح المشكاة»: ليس المراد منه الانتقال عن النَّسب الوِلاديِّ؛ لأنَّه حرامٌ، مع أنَّ نسبه أفضلُ الأنساب وأكرمُها، وإنَّما أراد النَّسب البِلاديَّ، ومعناه: لولا الهجرة من الدِّين ونسبتُها دينيَّةٌ لا يسعني تركُها؛ لأنَّها عبادةٌ مأمورٌ بها؛ لانتسبتُ إلى داركم، قيل: أراد صلعم بهذا الكلام إكرامَ الأنصار، والتَّعريضَ بأن لا فضيلةَ أعلى من النُّصرة بعد الهجرة، وبيان أنَّهم بلغوا من الكرامة مبلغًا، لولا أنَّه صلعم من المهاجرين السَّابقين الذين خرجوا من ديارهم، وقُطِعوا عن أقاربهم وأحبابهم، وحُرِموا أوطانهم وأموالهم(1) (وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا) بكسر الشِّين: طريقًا في الجَبَل (لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ) قيل: أراد حُسْن موافقته إيَّاهم، وترجيحهم في ذلك على غيرهم لِما شاهد منهم من حُسْن الوفاء بالعهد والجِوار، وما أراد بذلك وجوب متابعته إيَّاهم، فإنَّ متابعته حقٌّ على كلِّ مؤمنٍ؛ لأنَّه صلعم هو المتبوع المُطاع، لا التابع المُطيع.


[1] في (ص): «وأولادهم». ونبَّه الشيخ قطة ☼ بهامش البولاقية إلى أنه وقع في بعض النسخ بدل كلام البغوي هذا: قال الطِّيبيُّ: لولا فضلي على الأنصار بسبب الهجرة لكنت واحداً منهم، وهذا تواضع منه صلعم ، وحث للناس على إكرامهم واحترامهم، لكن لا يبلغون رتبة المهاجرين السابقين الذين أخرجوا من ديارهم وقطعوا عن أقاربهم وأحبابهم وحرموا أوطانهم وأموالهم.