إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يفتح الردم ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه

          7136- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذكيُّ قال‼: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضمِّ الواو، ابن خالدٍ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ) عبد الله (عَنْ أَبِيهِ) طاوس (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: يُفْتَحُ الرَّدْمُ) بالرَّفع نائبٌ عن(1) الفاعل (رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ، وَعَقَدَ وُهَيْبٌ) هو ابن خالدٍ المذكور (تِسْعِينَ) بأن جعل طرف ظهر(2) الإبهام بين عقدتي السَّبَّابة من باطنها، وطرف السَّبَّابة عليها مثل ناقد الدِّينار عند النَّقد، وفي حديث النَّوَّاس بن سمعان عند الإمام أحمد بعد(3) ذكر الدَّجَّال وقتله على يد عيسى عند باب لُدٍّ الشَّرقي قال: «فبينما هم كذلك؛ إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى ◙ إنِّي قد أخرجت عبادًا من عبادي لا يَدَانِ لك بقتالهم فحرِّز عبادي إلى الطُّور، فيبعث الله تعالى يأجوج ومأجوج وهم كما قال الله تعالى: {مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ}[الأنبياء:96] فيفزع عيسى وأصحابه إلى الله ╡، فيرسل عليهم نَغَفًا في رقابهم فيصبحون موتى(4)؛ كموت نفسٍ واحدةٍ، فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتًا إلَّا قد ملأه زهمهم ونتنهم(5)، فيفزع(6) عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله عليهم طيرًا؛ كأعناق البخت فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله، ثمَّ يرسل الله مطرًا لا يكن منه مدرٌ ولا وبرٌ، فيغسل الأرض حتَّى يتركها كالزَّلفة، ثم يقال(7) للأرض: أنبتي ثمرتك وردِّي بركتك، قال: فيومئذٍ يأكل النَّفر من الرُّمَّانة ويستظلون بقحفها، ويبارك الله في الرِّسْلِ حتَّى إنَّ اللِّقحة من الإبل لتكفي الفئام من النَّاس، واللِّقحة من البقر تكفي الفخذ، والشَّاة من الغنم تكفي أهل البيت، قال: فبينما هم كذلك؛ إذ بعث الله ريحًا طيِّبة تحت آباطهم، فتقبض روح كلِّ مسلمٍ، ويبقى شرار النَّاس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم السَّاعة»، انفرد بإخراجه مسلمٌ دون البخاريِّ وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وعند مسلمٍ: «فيمرُّ أوائلهم على بحيرة طبريَّة، فيشربون ما فيها، ويمرُّ آخرهم فيقولون: لقد(8) كان بهذه مرَّةً ماءٌ»، وعند أحمد عن ابن مسعودٍ مرفوعًا: «لا يأتون على شيءٍ إلَّا أهلكوه ولا على ماءٍ إلَّا شربوه» ورواه ابن ماجه، وفي «مسلمٍ»: فيقولون: لقد قتلنا مَنْ في الأرض، هلمَّ(9)؛ فلنقتل مَن في السَّماء، فيرمون نشابهم إلى السَّماء، فيردُّها الله عليهم مخضوبةً دمًا، وعند ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ عن كعبٍ: «ويفرُّ النَّاس منهم، فلا يقوم لهم شيءٌ، ثمَّ يرمون بسهامهم إلى السَّماء، فترجع مخضَّبةً بالدِّماء، فيقولون: غلبنا أهل الأرض وأهل السَّماء (10)...» الحديث، وفي «تذكرة» القرطبيِّ: وروي أنَّهم كانوا(11) يأكلون جميع / حشرات الأرض من الحيَّات والعقارب وكل ذي روحٍ ممَّا خُلِقَ في الأرض، وفي خبرٍ آخر: لا يمرُّون بفيلٍ ولا خنزيرٍ إلَّا أكلوه، ويأكلون من مات منهم، مقدِّمتهم بالشَّام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة‼ طبريَّة، فيمنعهم الله من مكَّة والمدينة وبيت المقدس.
          وهذا آخر «كتاب الفتن»، والله أعلم(12).


[1] «عن»: مثبتٌ من (د).
[2] في (د): «بأن جعل ظفر».
[3] في (ع): «عند».
[4] هكذا في كل الأصول، والذي في المسند (17629): «فَرْسَىَ».
[5] «ونتنهم»: ليس في (د).
[6] في (د): «فيرغب»، كذا سابقًا، و(ص) و(ع): «فرغب».
[7] في غير (د) و(س): «ثمَّ قال».
[8] «لقد»: ليس في (د).
[9] في (د): «هلمُّوا».
[10] في (د): «أهل الأرض والسَّماء».
[11] «كانوا»: زيد في (ص).
[12] «والله أعلم»: ليس في (ص)، وزيد في (ع): «الحمد لله أوَّلا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله».