إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان

          7121- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذكوان (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن هرمزٍ الأعرج (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ : (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ) تقدَّم [خ¦6935] أنَّ المراد بهما: عليٌّ ومن معه، ومعاوية ومن معه(1) (تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ) ذكر ابن أبي خيثمة: أنَّ الذي قُتِلَ من الفريقين سبعون ألفًا، وقيل: أكثر (دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ) كلُّ واحدةٍ منهما تدعو إلى الإسلام، وتتأوَّل كلُّ فرقةٍ أنَّها مُحِقَّةٌ، ويُؤخَذ منه الرَّدُّ على الخوارج ومَن معهم في تكفيرهم كُلًّا من الطَّائفتين، وفي روايةٍ: ”دعواهما واحدةٌ“ أي: دينهما واحدٌ، فالكلُّ مسلمون يدعون(2) بدعوة الإسلام عند الحرب؛ وهي شهادة أن لا إله إلَّا الله وأن محمَّدًا رسول الله صلعم ، وكان سبب تقاتل الطَّائفتين ما أخرجه يعقوب بن سفيان بسندٍ جيِّدٍ عن الزُّهريِّ قال: لمَّا بلغ معاوية غلبة عليٍّ على أهل الجمل؛ دعا إلى الطَّلب بدم عثمان ☺ ، فأجابه أهل الشَّام، فسار إليه عليٌّ ☺ ، فالتقيا بصفِّين، وذكر يحيى بن سليمان الجعفيُّ أحد شيوخ البخاريِّ في «كتاب صفِّين» من تأليفه بسندٍ جيِّدٍ عن أبي مسلمٍ الخولانيِّ أنَّه قال لمعاوية: أأنت تُنازع عليًّا في الخلافة؟ أَوَ أنت مثله؟ قال: لا؛ وإنِّي لأعلم أنَّه أفضل منِّي وأحقُّ بالأمر‼، ولكن ألستم تعلمون أنَّ عثمان ☺ قُتِلَ مظلومًا؟ وأنا ابن عمِّه ووليُّه أطلب بدمه، فائتوا عليًّا، فقولوا له: يدفع لنا قتلة عثمان، فأتَوه فكلَّموه، فقال: يدخل في البيعة، ويحاكمهم إليَّ، فامتنع معاوية ☺ ، فسار عليٌّ والجيوش من العراق حتَّى نزلوا(3) صفِّين، وسار معاوية حتَّى نزل هناك، وذلك في ذي(4) الحجَّة سنة ستٍّ وثلاثين، فتراسلوا، فلم يتمَّ لهم أمرٌ، فوقع القتال إلى أن قُتِلَ من الفريقين من قتل(5)، وعند ابن سعدٍ: أنَّهم اقتتلوا في غرَّة صفرٍ، فلمَّا كاد أهل الشام أن يغلبوا؛ رفعوا المصاحف بمشورة عمرو بن العاص، ودعَوا إلى ما فيها، فآل الأمر إلى الحكمين، فجرى ما جرى من اختلافهما، واستبداد معاوية بملك الشَّام، واشتغال عليٍّ بالخوارج (وَ) لا تقوم السَّاعة (حَتَّى يُبْعَثَ) يظهر (دَجَّالُونَ) بفتح الدَّال المهملة والجيم المشدَّدة، جمع «دجَّال»، يُقال: دجل فلانٌ الحقَّ بباطله، أي: غطَّاه، ومنه أُخِذَ الدَّجَّال، ودجله: سحره، وقيل: سُمِّي الدَّجَّال دجَّالًا؛ لتمويهه على النَّاس وتلبيسه، يقال: دجل؛ إذا موَّه ولبَّس، والدَّجَّال يُطلَق(6) في اللُّغة على أوجهٍ كثيرةٍ؛ منها: الكذَّاب كما قال هنا: دجَّالون (كَذَّابُونَ) ولا يُجمَع ما كان على «فَعَّال» جمع تكسيرٍ عند جماهير النُّحاة؛ لئلَّا يذهب بناء المبالغة منه، فلا يُقال إلَّا: دجَّالون؛ كما قال ╕ ، وإن كان قد جاء مكسَّرًا؛ فهو شاذٌّ؛ كما قال مالك بن أنسٍ ☼ في محمَّد بن إسحاق: إنَّما هو دجَّالٌ(7) من الدَّجاجلة(8)، قال عبد الله بن إدريس الأَوديُّ: وما علمت أنَّ دجَّالًا يُجمع على «دجاجلة» حتَّى سمعتها من مالك بن أنسٍ ☺ ، وهؤلاء الكذَّابون عددهم (قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ) وفي حديث حذيفة ☺ عند أبي نعيمٍ _وقال: حديثٌ غريبٌ تفرَّد به معاوية بن هشامٍ_: «يكون في أمَّتي دجَّالون كذَّابون سبعةٌ وعشرون؛ منهم أربع نسوةٍ»، وأخرجه أحمد بسندٍ جيِّدٍ، وفي حديث ثوبان عند أبي داود والتِّرمذيِّ، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم(9): «وأنَّه سيكون في أمَّتي كذَّابون ثلاثون» (كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ) زاد ثوبان: «وأنا خاتم النَّبيِّين لا نبيَّ بعدي»، ولأحمد وأبي يَعلى عن ابن عمر: «وثلاثون كذَّابون أو أكثر»، وعنه عند الطَّبرانيِّ(10): «لا تقوم السَّاعة حتَّى يخرج سبعون كذَّابًا»، وسندهما ضعيفٌ، وعلى تقدير الثُّبوت فيُحمَل على المبالغة في الكثرة لا التَّحديد، وأمَّا رواية الثَّلاثين بالنِّسبة لرواية سبع وعشرين؛ فعلى طريق جبر الكسر، وقد ظهر ما في هذا الحديث، فلو عُدَّ من ادَّعى النُّبوَّة من زمنه صلعم ممَّن اشتُهِر بذلك واتَّبعه جماعةٌ على ضلاله؛ لوُجِدَ هذا العدد، ومن طالع كتب الأخبار والتَّواريخ وجد ذلك، والفرق بين هؤلاء وبين الدَّجَّال الأكبر أنَّهم يدَّعون النُّبوَّة، وذلك يدَّعي الإلهيَّة، مع اشتراك الكلِّ في التَّمويه وادِّعاء الباطل العظيم (وَ) لا تقوم السَّاعة‼ (حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ) بقبض العلماء، وقد وقع ذلك فلم يبق إلَّا رسمه (وَتَكْثُرَ / الزَّلَازِلُ) وقد كثر ذلك في البلاد الشَّمالية والشَّرقية والغربيَّة(11)، حتَّى قيل: إنَّها استمرَّت في بلدةٍ من بلاد الرُّوم التي للمسلمين ثلاثة عشر شهرًا، وفي حديث سلمة بن نُفَيلٍ عند أحمد: «وبين يدي السَّاعة سنوات الزَّلازل» (وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ) عند زمان المهديِّ؛ لوقوع الأمن في الأرض، فيُستَلذُّ العيش عند ذلك؛ لانبساط عدله، فتُستَقصَر مدَّته؛ لأنَّهم يستقصرون مدَّة أيَّام الرَّخاء وإن طالت، ويستطيلون مدَّة(12) أيَّام الشِّدَّة وإن قصرت، أو المراد: يتقارب أهل الزَّمان في الجهل، فيكونون كلُّهم جهلاء، أو المراد: الحقيقة، بأن يعتدل اللَّيل والنَّهار دائمًا بأن تنطبق منطقة البروج على معدَّل النَّهار(13) (وَتَظْهَرَ الفِتَنُ) أي: تكثر وتشتهر، فلا تُكتَم (وَيَكْثُرَ الهَرْجُ) بفتح الهاء وسكون الرَّاء بعدها جيمٌ (وَهْوَ القَتْلُ) في رواية ابن أبي شيبة: قالوا: يا رسول الله؛ وما الهرج؟ قال: «القتل»، وهو صريحٌ في أنَّ تفسير «الهرج» مرفوعٌ، ولا يعارضه كونه جاء موقوفًا في غير هذه الرِّواية، ولا كونه(14) بلسان الحبشة (وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ، فَيَفِيضَ) بالنَّصب عطفًا على سابقه، أي: يكثر حتَّى يسيل (حَتَّى يُهِمَّ) _بضمِّ التَّحتيَّة وكسر الهاء(15) وتشديد الميم_: يُحزِنَ (رَبَّ المَالِ) مالكه (مَنْ) أي(16): الذي (يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ) _فـ «ربَّ» مفعولٌ بـ «يهمَّ»_ والموصول مع صلته فاعله (وَحَتَّى يَعْرِضَهُ) قال الطِّيبيُّ(17): معطوفٌ على مقدَّرٍ؛ المعنى: حتَّى يُهِمَّ طلبُ من يقبل الصَّدقة صاحبَ المال في طلبه؛ حتَّى يجده وحتَّى يعرضه (فَيَقُولَ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”حتى(18) يعرضه عليه، فيقول“ (الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ) أي: لا حاجةَ (لِي بِهِ) قال القرطبيُّ في «تذكرته»: هذا ممَّا لم يقع، بل يكون فيما يأتي، وقال في «الفتح»: التَّقييد بقوله: «فيكم» يُشعِر بأنَّه في زمن الصَّحابة، فهو إشارةٌ إلى ما فتح لهم من الفتوح، واقتسامهم أموال الفرس والرُّوم، وقوله: «فيفيض...» إلى آخره إشارةٌ إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز أنَّ الرَّجل كان لا يجد من يقبل صدقته كما مرَّ، وقوله: «حتَّى يعرضه...» إلى آخره إشارةٌ إلى ما سيقع زمن عيسى، فيكون فيه إشارةٌ إلى ثلاثة أحوالٍ: الأولى: كثرة المال فقط في زمن الصَّحابة، الثَّانية: فَيْضُه؛ بحيث يكثر فيحصل استغناء كلِّ أحدٍ عن أخذ مال غيره، ووقع ذلك في زمن عمر بن عبد العزيز، الثَّالثة: كثرته وحصول الاستغناء عنه حتَّى يُهِمَّ صاحب المال؛ لكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد(19) بأنَّه يعرضه على غيره ولو كان يستحقُّ الصَّدَقة، فيأبى أخذه، وهذا في زمن عيسى ◙ ، ويحتمل أن يكون هذا الأخير عند خروج النَّار واشتغال النَّاس بالمحشر(20) (وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي البُنْيَانِ) بأنَّ كلًا ممَّن يبني يريد(21) أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر‼، أو المراد: المباهاة به في الزِّينة والزَّخرفة، أو أعمُّ من ذلك، وقد وُجِدَ الكثير من ذلك، وهو في ازديادٍ (وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ) لما يرى من عظيم البلاء، ورياسة(22) الجهلاء، وخمول العلماء، واستيلاء الباطل في الأحكام، وعموم الظلم، واستحلال الحرام، والتحكُّم بغير حقٍّ في الأموال والأعراض والأبدان كما في هذه الأزمان، فقد علا الباطل على الحقَّ، وتغلب العبيد على الأحرار من سادات الخلق، فباعوا الأحكام ورضي بذلك منهم الحكام، فلا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلَّا إليه (وَ) لا تقوم السَّاعة (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ) يعني(23) (آمَنُوا أَجْمَعُونَ فَذَلِكَ حِينَ: {لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}[الأنعام:158]) وفي هذه الآية بحوثٌ حسنةٌ تتعلَّق بعلم العربيَّة، وعليها تنبني مسائل من أصول الدِّين، وذلك أنَّ المعتزليَّ يقول: مجرَّد الإيمان الصَّحيح لا يكفي، بل لا بدَّ من انضمام عملٍ يقترن به ويصدِّقه، واستدلَّ بظاهر هذه الآية _كما قال في «الكشَّاف»_ {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ} صفةٌ لقوله: {نَفْسًا} وقوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} عطف على {آمَنَتْ} والمعنى: أنَّ أشراط(24) السَّاعة إذا جاءت وهي آياتٌ ملجئةٌ مضطرَّةٌ ذهب أوانُ(25) التَّكليف عندها، فلم ينفعِ الإيمان حينئذٍ نفسًا غير مقدِّمةٍ إيمانها قبل ظهور الآيات، أو مقدِّمةً إيمانها غير كاسبةٍ خيرًا في إيمانها، فلم يفرِّق _كما ترى_ بين النَّفس الكافرة إذا آمنت في غير وقت الإيمان وبين النَّفس التي آمنت في وقتها(26) ولم تكسب خيرًا؛ ليُعلم أنَّ قوله: {الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ}[البقرة:25] جمع بين / قرينتين لا ينبغي أن تنفكَّ إحداهما عن(27) الأخرى حتَّى يفوز صاحبهما(28) ويسعد، وإلَّا فالشَّقوة والهلاك. انتهى. وقد أُجيب عن هذا الظَّاهر بأنَّ المعنيَّ بالآية الكريمة: أنَّه إذا أتى بعض الآيات؛ لا ينفع نفسًا كافرةً إيمانها الذي أوقعته إذ ذاك، ولا ينفع نفسًا سبق إيمانها وما كسبت فيه خيرًا، فقد علَّق نفي الإيمان بأحد وصفين؛ إمَّا نفي سبق الإيمان فقط، وإمَّا سبقه مع نفي كسب الخير، ومفهومه: أنَّه ينفع الإيمان السَّابق وحده، أو السَّابق ومعه الخير، ومفهوم الصِّفة قويٌّ، فيُستَدلُّ بالآية لمذهب أهل السُّنَّة؛ فقد قلبوا دليلهم عليهم، وقال ابن المُنَيِّر ناصر الدِّين: هو يروم الاستدلال على أنَّ الكافر والعاصي في الخلود سواءٌ؛ حيث سوَّى في الآية بينهما في عدم الانتفاع بما يستدركانه بعد ظهور الآيات، ولا يتمُّ ذلك؛ فإنَّ هذا الكلام في البلاغة يلقَّب باللَّفِّ، وأصله: يوم يأتي بعض آيات ربِّك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن مؤمنةً قبل إيمانها بعدُ، ولا نفسًا لم تكسب‼ خيرًا قبلُ ما تكسبه من الخير بعدُ، فلفَّ الكلامين فجعلهما كلامًا واحدًا إيجازًا وبلاغةً، ويظهر بذلك أنَّها لا تخالف مذهب الحقِّ، فلا ينفع بعد ظهور الآيات اكتساب الخير، وإن نفع الإيمان المتقدِّم من الخلود؛ فهي بالرَّدِّ على مذهبه أَولى من أن تدلَّ له، وعند ابن مردويه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سمعت رسول الله صلعم يقول: «ليأتينَّ على النَّاس ليلةٌ تعدل ثلاث ليالٍ من لياليكم هذه، فإذا كان ذلك؛ يعرفها المتنفِّلون، يقوم أحدهم فيقرأ حزبه، ثمَّ ينام، ثمَّ يقوم فيقرأ حزبه، ثمَّ ينام، ثمَّ يقوم(29)، فبينما هم كذلك؛ صاح(30) النَّاس بعضهم في بعضٍ(31) فقالوا: ما هذا؟ فيفزعون إلى المساجد: فإذا هم بالشَّمس قد طلعت من مغربها، فيضجُّ(32) النَّاس ضجَّةً(33) واحدةً(34) حتَّى إذا صارت في وسط السَّماء؛ رجعت وطلعت من(35) مطلعها، قال: حينئذٍ لا ينفع نفسًا إيمانها»، قال ابن كثيرٍ: هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، وليس هو في شيءٍ من الكتب السِّتَّة (وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا) بغير تحتيَّةٍ بعد الموحَّدة في «ثوبهما» ليتبايعاه (فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ) وعند الحاكم من حديث عقبة بن عامرٍ قال: قال رسول الله صلعم : «تطلع(36) عليكم قبل السَّاعة سحابةٌ سوداء من قبل المغرب مثل التُّرس، فما تزال ترتفع حتَّى تملأ السَّماء، ثمَّ ينادي منادٍ: يا أيُّها النَّاس _ثلاثًا_ يقول في الثَّالثة: أتى أمر الله، قال: والذي نفسي بيده؛ إنَّ الرَّجلين لينشران الثَّوب بينهما فما يطويانه...» الحديث، (وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ) بكسر اللَّام وسكون القاف بعدها حاءٌ مهملةٌ، واللِّقحة: اللَّبون من النُّوق (فَلَا يَطْعَمُهُ) أي: فلا يشربه (وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُلِيْطُ) بضمِّ التَّحتيَّة وكسر اللَّام بعدها تحتيَّةٌ ساكنةٌ فطاءٌ مهملةٌ، أي: يُصلِح بالطِّين (حَوْضَهُ) فيسدّ شقوقه؛ ليملأه ويسقي منه دوابَّه (فَلَا يَسْقِي فِيهِ(37)) أي: تقوم القيامة(38) قبل أن يسقي فيه (وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ) بضمِّ الهمزة لقمته (إِلَى فِيهِ) إلى فمه (فَلَا يَطْعَمُهَا) أي: تقوم السَّاعة قبل أن يضع لقمته في فِيْه أو قبل أن يمضغها أو يبتلعها، وعند البيهقيِّ عن أبي هريرة رفعه: «تقوم السَّاعة على رجلٍ أُكْلَته في فِيه يلوكها، فلا يسيغها(39) ولا يلفظها»، وهذا كلُّه إشارةٌ إلى أنَّ القيامة(40) تقوم بغتةً، وأسرعها رفع اللُّقمة إلى الفم.
          والحديث من أفراده.


[1] «ومن معه»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[2] «يدعون»: مثبتٌ من (ع).
[3] في (د): «نزل».
[4] «ذي»: سقط من (د).
[5] «من قتل»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[6] في (د): «ينطق».
[7] في (ع): «رجلٌ».
[8] في (ص): «الدَّجَّالة».
[9] «والحاكم»: سقط من (د) و(س).
[10] في (د) و(س): «الطبري».
[11] في (د): «والمشرقيَّة والمغربيَّة».
[12] «مدة»: ليس في (ص) و(ع).
[13] في (ع): «معدَّل الليل والنَّهار».
[14] في (ع): «لكونه».
[15] في (ع): «بضم الهاء وكسرها».
[16] زيد في (ع): «مَن».
[17] في (ع): «العينيُّ»، وهو تحريفٌ.
[18] «حتَّى»: مثبتٌ من (ص).
[19] في (ع): «يزاد».
[20] في غير (د) و(ص): «بالحشر».
[21] في (ب) و(س): «بأن يريد كلٌّ ممن يبني».
[22] في (د): «وزيادة».
[23] «يعني»: مثبتٌ من غير (ب) و(س).
[24] في (د): «اشتراط»، ولعلَّه تحريفٌ.
[25] في (ع): «ذهبت إقرار».
[26] في (ب) و(س): «وقته».
[27] في (ع): «على»، ولعلَّه تحريفٌ.
[28] في (ع): «صاحبها».
[29] «ثم يقوم»: سقط من (د).
[30] في (ب) و(س): «هاج»، وفي (ع): «ماج».
[31] في (ص): «بعضهم بعضًا».
[32] في (ص): «فيصيح».
[33] في (ص): «صيحةً».
[34] قوله: «فيضجُّ النَّاس ضجةً واحدةً» سقط من (د).
[35] زيد في (د): «غير»، وليس بصحيحٍ.
[36] في (د): «يطلع»، وكلاهما صحيحٌ.
[37] في (د): «منه»، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[38] في (ب) و(ع): «الساعة».
[39] في (د): «يسوغها».
[40] في غير (د) و(س): «السَّاعة».