إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان

          7117- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) الأُوَيْسيُّ(1) قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (سُلَيْمَانُ) بن بلالٍ (عَنْ ثَوْرٍ) بفتح المثلَّثة وسكون الواو بعدها راءٌ، ابن زيدٍ الدَّيليِّ(2) (عَنْ أَبِي الغَيْثِ) بالغين المعجمة والمثلَّثة آخره، سالمٍ مولى عبد الله بن مطيعٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ : (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”بعصًا“ وقَحْطَان: بفتح القاف والطَّاء المهملة بينهما حاءٌ مهملةٌ ساكنةٌ، قال في «التَّذكرة»: ولعلَّ هذا الرَّجل القحطانيَّ هو الرَّجل الذي يُقال له: «الجهجاه» المذكور في الحديث الآخر(3) عند مسلمٍ، وأصل الجهجهة: الصِّياح بالسَّبُع، يُقال: جهجهت بالسَّبُعِ، أي: زجرته بالصِّياح، وهذه الصِّفة توافق ذكر العصا(4)، وتعقَّبه في «الفتح» بأنَّ إطلاق كونه من قحطان ظاهره: أنَّه من الأحرار، وتقييده بأنَّ الجهجاه من الموالي يردُّ ذلك، وقوله: «يسوق النَّاس بعصاه» كنايةٌ عن انقيادهم إليه، ولم يُرِدْ نفس «العصا»، وإنَّما ضربها مثلًا لطاعتهم له واستيلائه عليهم، إلَّا أنَّ في ذكرها دليلًا على خشونته عليهم وعسفه بهم، وقد قيل: إنَّه يسوقهم بعصاه كما تُساق الإبل والماشية؛ وذلك لشدَّة عنفه وعدوانه، وسبق في: «باب ذكر قحطان» من «مناقب قريش» [خ¦3517] ما رواه نُعيم بن حمادٍ في «الفتن» من طريق أَرْطَاة بن المنذر أحد التَّابعين من أهل الشَّام: أنَّ القحطانيَّ يخرج بعد المهديِّ ويسير على سيرة المهديِّ، وأخرج أيضًا من طريق عبد الرَّحمن بن قيس بن جابرٍ الصدفيِّ عن أبيه عن جدِّه مرفوعًا: «يكون بعد المهديِّ القحطانيُّ، والذي بعثني بالحقِّ ما هو دونه»، قال الحافظ ابن حجرٍ: وهذا الثَّاني _مع كونه مرفوعًا_ ضعيفُ الإسناد، والأوَّل _مع كونه موقوفًا_ أصلحُ إسنادًا منه، فإن ثبت ذلك؛ فهو في زمن عيسى ابن مريم؛ لأنَّ عيسى إذا نزل يجد المهديَّ إمام المسلمين، وفي رواية أرطاة بن المنذر: أنَّ القحطانيَّ يعيش في الملك عشرين سنةً، واستُشكِل ذلك بأنَّه كيف يكون في زمن عيسى يسوق النَّاس بعصاه، والأمر إنَّما هو لعيسى؟ وأجيب بجواز أن يُقيمه عيسى نائبًا عنه في أمورٍ مهمَّةٍ عامَّةٍ.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة من حيث إنَّ سوق القحطانيِّ النَّاس إنَّما هو في تغيُّر الزَّمان، وتبدُّل أحوال‼ الإسلام؛ لأنَّ هذا الرَّجل ليس من قريشٍ الذين فيهم الخلافة؛ فهو من فتن الزَّمان وتبديل(5) الأحكام.
          والحديث سبق في «مناقب قريشٍ» [خ¦3517]، وأخرجه مسلمٌ في «الفتن»(6).


[1] في (ع): «الأوسيُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] في (ص): «الأيليِّ»، وفي سائر النُّسخ: «الدَّيْلميِّ» والمثبت موافقٌ لكتب التَّراجم.
[3] في (د): «المذكور».
[4] في غير (ب) و(س): «العصاة».
[5] في (ب) و(س): «وتبدُّل».
[6] «فأخرجه مسلم في الفتن»: سقط من (د).