إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة

          7112- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ) عبد ربِّه بن نافعٍ الحنَّاط؛ بالمهملة(1) والنُّون (عَنْ عَوْفٍ) بفتح العين المهملة، آخره فاءٌ، الأعرابيِّ (عَنْ أَبِي المِنْهَالِ) بكسر الميم وسكون النُّون، سيَّار بن سلامة أنَّه (قَالَ: لَمَّا) بتشديد الميم (كَانَ ابْنُ زِيَادٍ) هو عبيد(2) الله بن زِيَادٍ _بكسر الزَّاي وفتح(3) التَّحتيَّة المخفَّفة_ ابن أبي سفيان الأمويُّ (وَمَرْوَانُ) بن الحكم بن أبي العاص ابن عمِّ عثمان (بِالشَّأْمِ) وقد كان ابن زيادٍ أميرًا بالبصرة ليزيد بن معاوية، فلمَّا بلغه وفاته، ورضي أهل البصرة بابن زيادٍ(4) أن يستمرَّ(5) أميرًا عليهم حتَّى يجتمع النَّاس على خليفةٍ، فمكث قليلًا ثم أُخرِج من البصرةِ وتوجَّه إلى الشَّأم؛ وثب(6) مروان بها على الخلافة (وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ) عبد الله على الخلافة أيضًا (بِمَكَّةَ)(7) وسقطت الواو الأولى من «ووثب» لأبي ذرٍّ، وإثباتها أوجه، وإلَّا فيصير ظاهره: أنَّ وثوب ابن الزُّبير وقع بعد قيام ابن زيادٍ ومروان بالشَّأم، وليس كذلك؛ وإنَّما وقع في الكلام حذفٌ يبيِّنه ما عند الإسماعيليِّ من طريق يزيد بن زُرَيعٍ عن عوفٍ قال: حدَّثنا أبو المِنْهال قال: «لمَّا كان زمن إخراج ابن زيادٍ _يعني: من البصرة_ وثب مروان بالشَّام، ووثب ابن الزُّبير بمكَّة» (وَوَثَبَ) عليها أيضًا (القُرَّاءُ) وهم الخوارج (بِالبَصْرَةِ) وجواب قوله: «لمَّا» من قوله‼: «لمَّا كان ابن(8) زياد» قوله(9): «وثب» على رواية(10) حذف الواو، وأمَّا على رواية إثباتها؛ فقول أبي المِنْهال: (فَانْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي) سلامة الرِّياحيِّ (إِلَى أَبِي بَرْزَةَ) بفتح الموحَّدة والزَّاي بينهما راءٌ ساكنةٌ: نَضْلَة؛ بالنُّون المفتوحة والضَّاد المعجمة السَّاكنة (الأَسْلَمِيِّ) الصَّحابيِّ (حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ فِي دَارِهِ وَهْوَ) أي: والحال أنَّه (جَالِسٌ فِي ظِلِّ عُـِلِّيَّةٍ) بضمِّ العين وكسرها، وتشديد اللَّام مكسورةً والتَّحتيَّة: غرفةٍ (لَهُ مِنْ قَصَبٍ) زاد الإسماعيليُّ من طريق يزيد بن زُرَيعٍ: «في يوم حارٍّ شديد الحرِّ» (فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَأَنْشَأَ أَبِي يَسْتَطْعِمُهُ الحَدِيثَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”بالحديث“ أي: يستفتح الحديث، ويطلب منه التَّحديث (فَقَالَ: يَا أَبَا بَرْزَةَ؛ أَلَا تَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ النَّاسُ؟) ولأبي ذرٍّ: ”النَّاسُ فيه“ (فَأَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ: أنِّي) بفتح الهمزة، وفي «اليونينيَّة» بكسرها (احْتَسَبْتُ)(11) بفتح السِّين المهملة آخره فوقيَّةٌ بعد الموحَّدة السَّاكنة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”أحتسِب“ بكسر السِّين وإسقاط الفوقيَّة، أي: أنِّي أطلب (عند الله أنِّي) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”إذ“ (أَصْبَحْتُ سَاخِطًا عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ) أي: على قبائلهم (إِنَّكُمْ _يَا مَعْشَرَ العَرَبِ_ كُنْتُمْ عَلَى الحَالِ الَّذِي عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ وَالقِلَّةِ وَالضَّلَالَةِ، وَإِنَّ اللهَ أَنْقَذَكُمْ) _بالقاف والذَّال المعجمة_ من ذلك (بِالإِسْلَامِ وَبِمُحَمَّدٍ صلعم حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ) من العزَّة والكثرة والهداية (وَهَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ، إِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِالشَّأْمِ) يعني: مروان بن الحكم (وَاللهِ إِنْ) بكسر الهمزة وسكون النُّون (يُقَاتِلُ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا، وإنَّ) بتشديد النُّون (هؤُلَاءِ الَّذِينَ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ) وفي رواية يزيد بن زُرَيعٍ: «إنَّ الذين حولكم يزعمون أنَّهم قُرَّاؤكم» (وَاللهِ إنْ يُقاتِلُونَ إلَّا علَى الدُّنيا، وإنَّ ذاكَ الَّذي بِمَكَّة) يعني: عبد الله بن الزُّبير (واللهِ إنْ يُقاتِلُ إلَّا علَى الدُّنْيا) وقوله: ”وإنَّ هؤلاء...“ إلى آخره ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ ساقطٌ لغيره، ومطابقة الحديث للتَّرجمة من جهة أنَّ الذين عابهم أبو بَرْزة كانوا يُظهِرون أنَّهم يقاتلون لأجل القيام بأمر الدِّين ونصر الحقِّ، وكانوا في الباطن إنَّما يقاتلون لأجل الدُّنيا.


[1] في (ص): «بالحاء المهملة».
[2] في غير (د): «عبد»، وهو تحريفٌ.
[3] «وفتح»: سقط من (د) و(ص) و(ع).
[4] في (د) و(ص) و(ع): «بزيادٍ»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[5] في (ع): «استمرَّ».
[6] في (ع): «ثبت».
[7] زيد في (ع): «ووثب القُرَّاء بالبصرة»، وهو تكرار.
[8] «ابن» سقط من غير (د).
[9] قوله: «_يعني: من البصرة_ وثب مروان بالشَّام... لمَّا كان ابن زياد قوله» سقط من (ع).
[10] «رواية»: ليس في (ع).
[11] في (ع): «احتسِب».