إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله فنقوم إليه بأيدينا

          6779- وبه قال / : (حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) البلخيُّ (عَنِ الجُعَيْدِ) بضم الجيم وفتح العين المهملة، ابنِ عبدِ الرَّحمن التَّابعيِّ الصَّغير (عَنْ يَزِيدَ ابْنِ خُصَيْفَةَ) بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة بعدها تحتية ساكنة ثم فاء، الكوفيِّ، وهو يزيدُ بنُ عبدِ الله بنِ خصيفة (عَنِ السَّائِبِ) بالهمزة بعد الألف (بْنِ يَزِيدَ) من الزِّيادة، الكنديِّ ☺ ، أنَّه (قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى) بضم النون وفتح الفوقيَّة (بِالشَّارِبِ) الخمرَ (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلعم ) وقد كان السَّائب صغيرًا جدًّا في عهد رسول الله صلعم ؛ لأنَّه كان ابن ستِّ سنين، فيبعدُ(1) أن يشاركَ من كان يجالسُ النَّبيَّ صلعم فيما ذكرَ مِنْ ضَرْبِ الشَّارب، فمرادُه بقولهِ: «كنَّا» أي: الصَّحابة ♥ ، ويحتمل أن يحضرَ مع أبيهِ أو غيره فيشاركهُم في ذلك، فيكون الإسنادُ على حقيقتهِ (وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ) بكسر الهمزة وسكون الميم، أي: خلافتهُ ☺ (وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ) ☺ ، أوائل خلافتهِ (فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا) فنضربه بها (حَتَّى كَانَ آخِرَ إِمْرَةِ عُمَرَ) بنصب «آخرَ» لأبي ذرٍّ، وبالرَّفع لغيره (فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا) بفتح العين المهملة والفوقية، تجبَّروا وانهمَكوا في الطُّغيان‼ وبالغوا في الفسادِ في شربِ الخمر (وَفَسَقُوا) أي: خرجوا عن الطَّاعة (جَلَدَ ثَمَانِينَ) سوطًا، زاد عبد الرَّزَّاق وقال: «هذا أدنَى الحدود».
          واستُشكل قولهُ: «حتَّى كان آخر إمرة عمر...» إلى آخره، هذا بما في «سنن أبي داود» والنَّسائيِّ من حديث عبد الرَّحمن بن أزهر في قصَّة الشَّارب الَّذي ضربه النَّبيُّ صلعم بحُنين، وفيه: «فلمَّا كان عمرُ كتب إليه خالدُ بنُ الوليد أنَّ النَّاس قد انهمَكوا في الشُّرب وتحاقَروا العقوبةَ، قال: وعنده المهاجرون والأنصار فسألهم واجتمعُوا على أن يضربَه ثمانين» فإنَّه يدلُّ على أنَّ أمر عمر بجلدِ ثمانين كان في وسطِ إمارتهِ، فإن(2) خالدًا ماتَ في وسطِ خلافةِ عمر، وظاهر قولهِ: «حتَّى كان آخر إمرة عمر فجلدَ أربعين» أنَّ التَّحديد بها إنَّما وقعَ في آخر خلافة عُمر، وليس كذلك لما في قصَّةِ خالدٍ المذكورة.
          وأُجيب بأنَّ المراد بالغاية المذكورة استمرارُ الأربعين(3).


[1] في (س): «فيعد».
[2] في (د): «لأن».
[3] في (ع): «الثمانين والله أعلم». والمثبت موافق للفتح.