التلويح شرح الجامع الصحيح

باب التكبير عند الحرب

          ░130▒ وقوله في:بَابِ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الحَرْبِ
          أن حديث مسيره إلى خيبر المذكور في كتاب الصلاة: تَابَعَهُ عَليٌّ عَن سُفيَانَ _يعني تابع المسندي_ (رَفَعَ النَّبِيُّ صلعم يَدَيهِ) [خ¦2991].
          أسنده في علامات النبوة عن سفيان.
          قال ابن بطال: وقد روى سفيان عن أيوب في هذا الحديث: حالوا إلى الحصن؛ أي: تحولوا إليه، يقال: حُلت عن المكان: إذا تحولت عنه، ومثله: أَحلت عنه.
          وحديث أبي موسى «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا» الحديث [خ¦2992].
          خرَّجه / الستة في كتبهم.
          وشيخ البخاري فيه الفريابي، نص عليه أبو نعيم الحافظ، وكذا الذي روى عنه أيضًا حديث جابر.
          وسفيان: هو الثوري.
          وأبو عبد الله شيخُه الراوي عن عبد العزيز بن أبي سلمة: فذكر ابن مسعود الدمشقي أنَّ النَّاس رووا هذا الحديث عن عبد الله بن صالح، وقال الجياني: نسبه ابن السكن فقال: ثنا عبد الله ابن يوسف.
          وقوله: (ارْبَعُوْا) بكسر الهمزة، وسكون الراء، وفتح الباء الموحدة، قال الأزهري عن يعقوب: رَبَع الرجل يَربَعُ: إذا وقف وتحبَّس.
          وقال الليث: يقال: اربع على نفسك، واربع على ظلْعك، واربع عليك: كل ذلك واحد، ومعناه: انتظر.
          وقال الخطابي: يريد: أمسكوا عن الجهر، وَقِفُوا عنه.
          وقال ابن قُرْقُول: اعطفوا عليها بالرفق بها والكفِّ عن الشدة.
          و(أَوْفَى): علا وأشرف.
          و(الثَّنِيَّة): أعلى الجبل، وهو ما يرى منه على البعد، وقال ابن فارس: والثنية من الأرض كالمرتفع، وقال الداودي: هي الطرق التي في الجبال.
          و(الفَدْفَد): الأرض الغليظة ذات الحصى، لا تزال الشمس تَدف فيها، ذكره القزاز. وقال ابن فارس: الأرض المستوية. وقال الخطابي: رابية مشرفة.
          وفي الحديث: كراهية رفع الصوت بالدعاء، وهو قول عامة السَّلف. قال محمد بن جرير: من الصحابة والتابعين.
          وروي من حديث هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عُباد: «كان الصحابة يكرهون رفع الصوت عند الذكر، وعند القتال، وعند الجنائز».
          وفي لفظ: «ورفع الأيدي عند الدعاء والقتال».
          وقال سعيد بن المسيب: ثلاث مما أحدث الناس: رفع الصوت عند الدعاء، ورفع الأيدي، واختصار السجود.
          ورأى مجاهد رجلًا يرفع صوته بالدعاء، فحصبه.
          وقوله في حديث أبي موسى: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» [خ¦2996].
          قال ابن بطال: ليس هذا على العموم / وإنما هو لمن كانت له نوافل وعادة من عمل صالح، فأما من لم يكن له تنفل ولا عمل صالح فلا يدخل في معنى هذا الحديث.
          قال: ومما يدل أن الحديث في النوافل ما روى معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن خيثمة، عن عبد الله بن عمرو، قال رسول الله صلعم: «إِنَّ العَبدَ إِذَا كَانَ طَرِيقُهُ حَسَنَةٌ مِن العِبَادَةِ، ثُمَّ مَرِضَ قِيلَ لِلمَلَكِ: اكتُب لَهُ مِثلَ عَمَلِهِ».
          قال: قوله: «إِذَا كَانَ على طَرِيقة حَسَنَةٍ مِن العِبَادَةِ» لا يقال إلا في النوافل، ولا يقال ذلك لمؤدي الفرائض، وكما قال صلعم: «مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِاللَّيلٍ، يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ».
          قال ابن المنير: هذا تحجير واسع؛ بل يدخل فيه الفرائض التي شأنه أن يعمل بها وهو صحيح إذا عجز عنه فعلًا؛ لأنه قام به عزمًا أن لو كان صحيحًا، حتَّى صلاة الجالس في الفرض لمرضه يكتب له بها أجر صلاة القائم.
          وقال ابن التين: قيل: إذا تكلّف المريض أو المسافر بأقل العمل كان أفضل من عمله وهو صحيح مقيم.