التلويح شرح الجامع الصحيح

باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

          ░102▒ وذكر البخاريُّ في:بَابِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلعم النَّاسَ إِلَى الإِسلَامِ والنُّبُوَّةِ أحاديثَ تقدَّم ذكرها.
          قال ابن المنير: و(حِمْص): يجوز صرفه وعدمه؛ لقلة حروفه وسكون وسطه، قال ياقوت: بناها حمص بن المهري من العمالقة، وقال الحازميُّ: كانت قديمًا أَذْكَرَ من دمشق.
          وفي «أسماء البلاد» للكلبي: سُمِّيَت بقوم من بني مهر بن حيص بن حاف بن مِكنَف بن عمليق.
          وقال البكري عن سيبويه: لا يجوز فيها الصرف كما يجوز في هند؛ لأنَّه اسم أعجمي، سمِّيت برجل من العمالقة، ويقال: مِن عاملة، هو أوَّلُ من نزلها.
          وزعم ابن الأنباري في «الكتاب الزَّاهر» أنَّها من قول العرب: قد حمص الجرح يحمص حموصًا، وانحمص ينحمص انحماصًا، إذا ذهب ورمه.
          وقوله: (عَلَى رَسْلِكَ) ضبط بفتح الرَّاء وكسرها، فمن فتح أراد التُّؤدة، ومن كسر أراد الهيئة.
          واستحبَّ العلماء أن يُدعى الكافر إلى / الإسلام قبل القتال. قال مالك: إلَّا من قربت داره فإنَّه لا يدعى؛ لعلمه بالدَّعوة بخلاف مَن بَعُد، وأباح أكثر أهل العلم قتالهم قبل أن يدعوا، وهو قول الحسن، وإبراهيم، وربيعة، والليث، وأبي حنيفة، والثَّوري، والإمام الشَّافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
          وقال الشَّافعي: لا أعلم أحدًا من المشركين لم تبلغه الدعوة اليوم إلَّا أن يكون الخزر، والتُّرك أمَّة لم تبلغهم، فلا يقاتلوا حتى يُدعوا، ومن قُتل منهم قبل الدَّعوة فعلى قاتله الدية، وقال أبو حنيفة: لا دية عليه.
          وقوله في حديث أبي هريرة: «أُمِرتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» [خ¦2946].
          قال الطَّحاوي: ذهب قوم إلى القول بظاهره، وقال آخرون: لا حجَّة لكم فيه؛ لأنَّ الرسول صلعم إنَّما كان يقاتل قومًا لا يوحِّدون الله، فكان أحدهم إذا وحَّد الله عُلم بذلك تركه لما قوتل عليه، وخروجه منه وأما القائلون....
          روى ابن وهب، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّه صلعم لما وجَّه عليًا إلى خيبر قال: «قَاتِلهُم حَتَّى يَشهَدُوا أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ».
          فلا بدَّ من إقرارهم بنبوَّة نبيِّنا، من غير أن يخصُّوها كما تقوله طائفة من اليهود؛ فإنَّهم يقولون: لا إله إلا الله وإن محمدًا رسول الله إلى العرب خاصَّة.
          وقد جاء في حديث أنس مبينًا: «أُمِرتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشهَدُوا أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ تعالى» [خ¦392].
          هذا قول أبي حنيفة وصاحبيه.