التلويح شرح الجامع الصحيح

باب من غزا بصبي للخدمة

          ░74▒ وذكر في:بَابُ مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ
          عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: «التَمِسْ لي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ»، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي، وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الحُلُمَ [خ¦2893]. الحديث.
          قال الداودي في غير هذا الحديث: «أَتَى بِي أَبُو طَلحَةَ فَقَالَ: أَنَسٌ غُلَامٌ كَيِّسٌ فَليَخدُمكَ» [خ¦2768].
          قال: وهذا ليس بمحفوظ؛ لأنَّ أنسًا قال: «خَدَمتُ رَسُولَ اللهِ صلعم عَشرَ سِنِينَ»، فكان أَوَّلُ خِدمتِه قبل خَيبر بستِّ سِنينَ؛ لأَنَّ خَيبر كَانت فِي سَنةِ سَبعٍ.
          قال: ويحتمل أن يكون قال له: «التمس غلامًا من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر» أي: يخدمه في المدينة غير أنس، وكان أنس متقدم الخدمة، وإنما أراد أن يخدمه حتى يخرج، وهذا أولى لِتَسلم الأحاديث.
          ويحتمل أنه لما أخذ أنسًا لم يشترط على أن يسافر معه، وكان أنس يخدمه من غير اشتراط أجرة، ولا بعقد، فجائز على اليتيم أن تسلمه أمه أو وصيُّه وشبههما في الصناعة والمهنة، وهو لازم له ومنعقد عليه.
          وقوله: (أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ) قال الخطَّابي: الحزن على أمر قد وقع، والهمُّ فيما يُتوقَّع ولمَّا يَكُنْ بَعدُ.
          وقال القزَّاز: الهمُّ هو الغمُّ والحزن، تقول: أهمَّني هذا الأمر وأحزنني، وهو مُهِمٌّ، ويحتمل أن يكون من: همَّه المرض: إذا أذابه وأنحله، مأخوذٌ من: همَّ الشَّحم إذا أذابه، والشَّيء مهموم، أي: مُذابٌ، فيكون تعوُّذه من المرض الذي يُنحِل جسمَه، وسيأتي طرف منه في المغازي.