التلويح شرح الجامع الصحيح

باب ما جاء في التقصير

          ░░18▒▒ بَاب مَا جَاءَ فِي التَّقْصِيرِ وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ
          ذكر الضحاك في «تفسيره»: أن النبي صلعم صلَّى في جدة الإسلام الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والمغرب ثلاثًا، والعشاء ركعتين، والغداة ركعتين، فلما نزلت آية القبلة تحوَّل للكعبة، وكان قد صلَّى هذه الصلوات نحو بيت المقدس، فوجَّهَه جبريل صلعم بعد ما صلَّى ركعتين من الظهر نحو الكعبة / ، وأومأ إليه بأن صلِّ ركعتين، وأمره أن يصلي العصر أربعًا، والعشاء أربعًا، والغداة ركعتين. وقال: يا محمد، أما الفريضة الأولى فهي للمسافرين من أمتك والغزاة.
          وروينا عن أبي جعفر محمد بن جرير، حدثنا المثنى: حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الله بن هاشم: أخبرنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي بن أبي طالب قال: سأل قوم من التجار رسول الله صلعم فقالوا: يا رسول الله، إنا نضرب في الأرض، فكيف نصلي؟ فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}[النساء:101]، ثم انقطع الوحي، فلما كان بعد ذلك بِحَوْلٍ غزا النبيُّ صلعم فصلَّى الظهر، فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم، هلَّا شددتم عليهم؟ فأنزل الله تبارك وتعالى بين الصلاتين: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء:101].
          وحدَّثنا ابن بشَّار: حدَّثنا معاذ بن هشام: حدَّثني أبي، عن قتادة، عن سليمان اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة: أيُّ يومٍ أُنزل، أو أيُّ يوم هو؟ فقال: انطلقنا نتلقى عيرًا لقريش آتية من الشام، حتى إذا كنا بنخل، فنزلت آية القصر، الحديث.
          وفي «شرح المسند» لابن الأثير: كان قصر الصلاة في السنة الرابعة من الهجرة.
          وفي «تفسير الثعلبي»: قال ابن عباس: أول صلاةٍ قصرت صلاة العصر، قصرها النبي صلعم بعسفان في غزوة ذي أنمار.