التلويح شرح الجامع الصحيح

باب الغسل بعد الحرب والغبار

          ░18▒ بَابُ الغَسْلِ بَعْدَ الحَرْبِ وَالغُبَارِ تقدم.
          وقوله فيه هنا: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ) ذكر الجيَّاني أن محمدًا هو ابن سلام.
          وقوله: (فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ صلعم) قال القرطبي: كذا وقع في الرواية، والصواب / : طرحها فإنه جواب لمَّا، ولا تدخل الفاء في جوابها، وكأنها زائدة كما زيدت الواو في جوابها في قول امرئ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى                     بنا بطن حتف ذي رُكَام عَقَنْقَل
          وإنما هو انتحى فزاد الواو.
          قال المهلب: وإنما اغتسل سيدنا رسول الله صلعم للتنظيف، وإن كان الغبار في سبيل الله شاهدًا من شواهد الجهاد، ألا ترى أن جبريل لم يغسلْه عن نفسه تبركًا به في سبيل الله جلَّ وعزَّ.
          قال ابن بطال: وفيه دلالة أن سيدنا رسول الله صلعم لم يخرج إلى حرب إلا بإذن.
          قوله: (وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الغُبَارُ) قال ابن التين: أي: أحاط به كالعصابة. وقيل: معناه ركب رأسه الغبار وعلق به، وفيه قتال الملائكة بسلاح.
          وفيه دليل أن الملائكة صلوات الله عليهم وسلامه تصحب المجاهدين في سبيل الله جلَّ وعزَّ، وأنها في عونهم ما استقاموا، فإن خانوا وغلَوا فارقتهم، يدل على ذَلِكَ قوله صلعم: «مع كل قاضٍ ملكانِ يسدِّدَانِه ما أقام الحقَّ فإذا جارَ تركاه»، والمجاهد فحاكم بأمر الله جلَّ وعزَّ.
          وقال ابن المنير: إنَّما بوَّبَ البخاري على هذا الحديث هنا؛ لئلا يتوهَّم كراهيَّة غسلِ الغبار؛ لأنه من حميد الآثار كما كره بعضهم مسح ماء الوضوء بالمنديل، فبيَّن جوازه بالعمل المذكور.