تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله

          ░82▒ (بَابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ) الموعظة مصدر ميميٌّ، يُقال: وَعَظَ مَوْعِظةً وعِظَةً(1) ووَعْظًا وهو النُّصح والإنذار بالعواقب، و(المحَدِّثُ) بفتح الحاء وتشديد الدَّال الواعظ، وفائدة قعود أصحابه حوله سماع الموعظة والتذكير بالموتِ وأحوال الآخرة، وهذا مع ما انضم(2) إليه من مشاهدة القبور وتَذَكُّرِ(3) أصحابِهَا وما كانوا عليه، وما صاروا إليه من أنفع الأشياء لجلاء القلوب.
          وينفع الميِّتَ أيضًا لما فيه من نزول الرَّحمة عند قراءة القرآن والذِّكر.
           ثمَّ استطردَ البخاريُّ بذكر(4) تفسير بعض ألفاظٍ من القرآن على عادته مناسبةً لما ترجم له تكثيرًا(5) للفائدة(6)، فقال في قوله تعالى: ({ يَخْرُجُونَ(7) مِنَ الأَجْدَاثِ}) [القمر:7]، معنى الأجداث القبور.
           وفي(8) قوله تعالى: {وَإِذَا القُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الانفطار:4] معنى {بُعْثِرَتْ} انتثرت(9) بمثلَّثة، من(10) الإثارة أخذًا من قول جمهور أهل اللُّغة (بَعْثَرْتُ حَوْضِي أي جَعَلْتُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ(11))، وقيل: معناه حُرِّكت فخرج ما فيها من الأموات، وقيل: بحثت(12).
          و(13) في قوله: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:43] الإِيفاض الَّذي هو مصدر أوفض يوفِض إِيْفَاضًا، معناه الإسراع، فمعنى {يُوفِضُونَ} يُسرعون، (وَقَرأَ الأَعْمَشُ) وفاقًا للقراء إلَّا ابنَ عامر وحفصًا(14) ({إِلَى نَصْبٍ}) بفتح النون وسكون الصَّاد، وفي نسخة بضمِّ النُّون وسكون الصَّاد.
           وزاد في أخرى: <يوفضون> ثمَّ فسَّرَ ({إِلَى نُصُبٍ}) بقوله: (إِلَى شَيْءٍ مَنْصُوبِ يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ)؛ أي إلى عَلَم نصبوه ليعبدوه حال(15) كون كلٍّ(16) منهم طالبًا أن يستلمه أوَّلًا، (والنُّصْبُ) بضم النون وسكون الصَّاد وفي نسخةٍ بضمِّهما، وهو قراءة ابن عامر وحفص.
           (وَاحِدٌ) أي مفرد كما يكون جمعًا، وإن كان الوزن(17) واحدًا(18) كما في فَلَكٍ(19)، و(النَّصْبُ) بالفتح فالسكون(20) (مَصْدَرٌ)، يقال: نصبتُ الشيء / نصبًا أقمتُه.
           وقال في قوله تعالى: ({يَوْمُ الخُرُوجِ}) في قوله: {ذَلِكَ يَوْمُ(21) الخُرُوجِ} [ق:42] معناه يوم الخروج (مِنْ قُبُورِهِمْ(22))، وفي قوله تعالى(23) : {يَنْسِلُونَ} [الأنبياء:96] في قوله(24) : {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء:96] معناه (يَخْرُجُونَ(25)) (26) أي بسرعة.


[1] قوله: ((وعظة)) ليس في (ص).
[2] في (ع) و(ص) و (د): ((ينضم)).
[3] في (ح) و(ط): ((ويذكر)).
[4] قوله: ((بذكر)) ليس في (ع)، و في (د): ((يذكر)).
[5] في (ط): ((تكبيرا))، و في (د): ((تكثير)).
[6] في (د): ((الفائدة)).
[7] زاد في (ع) و(ط) و(ص) و (د): (({يوم يخرجون})).
[8] في (ط): ((في)) بدون الواو.
[9] في (ص): ((أثيرت)).
[10] في (ط): ((ومن)).
[11] في (ص): ((أعلاه أسفله)) وعليه علامة تقديم وتأخير ليصح: ((أسفله أعلاه)).
[12] وفي (ط): ((تحسب)).
[13] قوله: ((و)) ليس في (ع).
[14] في النُّسخ: ((وحفص))، والتصحيح من (المطبوع).
[15] في (ع) و(ط) و(ص) و (د): ((حالة)).
[16] قوله: ((كل)) ليس في (ط).
[17] في (ط): ((الوزان)).
[18] في (ط): ((واحد)).
[19] في (ع): ((تلك)) وفي (ط): ((ذلك)).
[20] في (د): ((والسكون)).
[21] قوله: ((يوم)) ليس في (ط).
[22] في (ع) و(ط) و(ص) و (د): ((القبور)).
[23] قوله: ((تعالى)) ليس في (ص).
[24] زاد في (ص): ((تعالى)).
[25] في (ط): ((يخوصون)).
[26] قوله: ((في قوله: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء:96] معناه يَخْرُجُونَ)) ليس في (ع).