التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن

          127- قوله: (وقالَ عليٌّ ☺: حَدِّثُوا النَّاسَ...) إلى آخره، ثمَّ قال: (حَدَّثَنَا بِهِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوْسَى): اعلم أنَّ الراوي إذا قدَّم الحديث على السَّند كهذا(1)؛ فهذا إسناد متَّصل، لا يمنع [الحكم باتِّصاله، ولا يمنع](2) ذلك(3) مَن رَوى كذلك _أعني: تحمَّلَه كذلك_ أن يبتدئ بالإسناد جميعه أوَّلًا، ثمَّ يذكر المتنَ، كما جوَّزه بعض المتقدِّمين من أهل الحديث.
          قال أَبُو عمرو بن الصَّلاح في «علومه»: (وينبغي أن يكون فيه خلافٌ نحو الخلاف في تقديم بعض المتن على بعض، فقد حكى الخطيبُ المنعَ من ذلك على القول بأنَّ الرِّواية على المعنى لا تجوز، والجوازَ على القول بأنَّ الرِّواية على المعنى تجوز، ولا فرق بينهما في ذلك)، انتهى(4).
          قوله: (أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ ورَسُولُهُ): (يُكَذَّبَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، [وهو مشدَّد الذَّال المعجمة المفتوحة](5)، وإعراب الباقي معروف.
          قوله: (عَنْ مَعْرُوفٍ): وفي نسخة هي على هامش أصلنا: (ابن خَرَّبُوذ)، أمَّا (معروف)؛ فهو مكِّيٌّ، يروي عن أبي الطُّفَيل والباقر، وعنه: أَبُو داود الطيالسيُّ، وأبو عاصم، وعدَّةٌ، ضعَّفه ابن معين، وقوَّاه غيره، وقال أَبُو حاتم: (يُكتَب حديثه)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، له في الكتب حديثان، وله ترجمة في «الميزان»، وأمَّا والده (خَرَّبُوذ)؛ فهو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الرَّاء المفتوحة، ثمَّ موحَّدة مضمومة، بعدها واو ساكنة، ثمَّ ذال معجمة، غير مصروف؛ للعلميَّة والعُجْمة.
          قوله: (عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ): اسمه عامر بن واثلة؛ بالمثلَّثة، وقيل: عمرو، ابن عَبْد الله بن جحش الكنانيُّ اللَّيثيُّ، ولد عام أُحد، كان يسكن الكوفة، ثمَّ سكن مكَّة إلى أنْ قضى، وهو آخر من مات من الصَّحابة على الإطلاق، وقال ابن دريد في كتاب «الاشتقاق الكبير»: (إنَّ عكراش بن ذؤيب لقي النَّبيَّ صلعم، وله حديث، وشهد الجمل مع عائشة، فقال الأحنف: كأنَّكم به وقد أُتِي به قتيلًا أو به جراحة لا تفارقه حتَّى يموت، فضُرِب يومئذٍ ضربةً على أنفه، فعاش بعدها مئة سنة وأثَرُ الضَّربة به)، فعلى هذا تكون وفاته سنة خمس وثلاثين ومئة، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ: (وهذا باطل لا أصل له، والذي أوقع ابنَ(6) دريد في ذلك ابنُ قتيبة في «المعارف»، وهو إمَّا باطل، أو مؤوَّل بأنَّه استكمل بعد الجمل مئةَ سنةٍ)، وتُوُفِّيَ أَبُو الطُّفَيل سنة مئة، وقيل: بعد المئة، فقيل: سنة اثنتين ومئة، وقيل: سنة سبع ومئة، وقيل: سنة عشر ومئة، وصُحِّح.
          تنبيه: من الغريب ما في «ثقات العجليِّ» كما رأيته فيها: أنَّ أبا الطفيل من كبار التَّابعين، انتهى.
          فائدة شاردة: آخر من مات من التَّابعين خلف بن خليفة، توفِّي سنة ░181هـ▒.
          أخرج لأبي الطُّفَيل عامرٍ الجماعةُ.


[1] في (ج): (هكذا).
[2] ما بين معقوفين ليس في (ب).
[3] في (ج): (لذلك).
[4] (انتهى): ليس في (ب)، «علوم الحديث» (ص229_230▒، قال البلقينيُّ في «محاسن الاصطلاح» (ص412▒: (ما ذكره ابن الصلاح من التخريج ممنوعٌ، والفرقُ أنَّ تقديمَ بعض الألفاظ على بعضٍ قد يؤدِّي إلى الإخلال بالمقصود في العطف، وعودِ الضمير، ونحوِ ذلك، بخلاف السند؛ فإنَّ تأخُّرَ بعضِه أو كلِّه على المتن في حُكم المقدَّم؛ فلذلك جاز تقديمه، ولم يتخرَّج على الخلاف).
[5] ما بين معقوفين ليس في (ج).
[6] (ابن): ليس في (ب).