التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا

          قوله: (بابُ قَوْلِ الْمُحَدِّثِ: «حَدَّثَنَا» وَ«أَخْبَرَنَا» وَ«أَنْبَأَنَا») (المحدِّث): بكسر الدَّال المهملة المشدَّدة، وهو الشيخ المسمِّع(1)، وقوله: (حدَّثنا وأخبرنا وأنبأنا): الكلام في ذلك معروف في علوم الحديث؛ فلا نطوِّل به، ومن أراده؛ فعليه بكتبه.
          قوله: (وَقَالَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وأنَّه عبد الله بن الزُّبير، وأنَّه أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح»؛ فانظره إنْ أردته [خ¦1].
          قوله: (وَقَالَ حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني حِسل _ويقال: حُسَيل_ ابن جابر ابن عمرو، أبو عبد الله العبسيُّ؛ بالموحَّدة، صحابيٌّ مشهور الترجمة، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، والصحيح في (اليماني) و(ابن الهادي) و(ابن أبي الموالي) و(ابن العاصي) إثبات الياء، قاله النَّوويُّ، وفي الصَّحابة من اسمه حذيفة غيره _فيما أعلم_ ستَّةٌ؛ الذي له رواية: هو وابن أَسِيد، روى له أيضًا مسلمٌ والأربعة، والباقون لا أعلم لهم رواية، والله أعلم، تُوُفِّيَ حذيفة سنة ░36هـ▒، وهو صاحب السِّرِّ، منعَهُ وأباه شهودَ بدر استحلافُ الجاهليَّة لهما.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): بخطِّ بعض الفضلاء في الهامش تجاه (أبي العالية): (اسمه رفيع بن مهران)، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح هنا: (أبو العالية البرَّاء؛ بالراء المشدَّدة، واسمه زياد بن فيروز، أو أُذَيْنَة، أو كلثوم، أو زياد بن أُذَينة؛ أقوالٌ، البصريُّ، القرشيُّ مولاهم، التابعيُّ، سمع ابن عمر وغيره، مات سنة «90هـ»، وإنَّما قيل له: البرَّاء؛ لأنَّه كان يبري النَّبل، ومثله أبو معشر البرَّاء...) إلى آخر كلامه.
          وقد راجعت ترجمة زياد بن فيروز؛ فوجدته أيضًا عنِ ابن عبَّاس، وراجعت كلام أبي عليٍّ الجيَّانيِّ، فرأيته ذكرهما، فقال: (تابعيَّان من أهل البصرة)، وترجمهما، لكن لَمْ يعيِّن مَن هو الراوي هنا، ثُمَّ راجعت «أطراف المزِّيِّ» في ترجمة رفيع أبي العالية الرِّياحيِّ، فرأيته قد ذكر هذا الحديث في ترجمته عنِ ابن عبَّاس، وعزاه أيضًا إلى البخاريِّ في (أحاديث الأنبياء) [خ¦3395]، و(التوحيد) [خ¦7539]، وفي (التفسير) [خ¦4630]، وفي (التَّوحيد) أيضًا: (قال لي(2) خليفة...)؛ فذكره، وقد راجعت (كتاب التوحيد) في (باب ذكر النبيِّ صلعم وروايته عن ربِّه)؛ فوجدت الحديث بعينه [خ¦7539]، وأمَّا أبو العالية زياد بن فيروز؛ فإنَّه لَمْ يَذكُر له عنِ ابن عبَّاس غير حديث واحد، وهو في «البخاريِّ» [خ¦1085] و«مسلم» و«النسائيِّ»، ومتنه: (قَدِمَ النَّبِيُّ صلعم وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ)، فالصوابُ إذن ما في الحاشية، لا ما قاله شيخنا الشَّارح، والله أعلم.
          وأمَّا أبو العالية رُفَيع؛ هو بضمِّ الراء، وفتح الفاء، ابن مهران الرِّياحيُّ _بكسر الراء، ثُمَّ مُثنَّاة تحت_ مولاهم، البصريُّ؛ فرأى الصِّدِّيق، وروى عن عمر وأُبيٍّ، وعنه: عاصم الأحول، وداود بن أبي هند، قالت حفصة بنت سيرين: (سمعته يقول: قرأت القرآن على عمر ثلاث مرَّات)، تُوُفِّيَ سنة ░90هـ▒، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وأبو حاتم، له ترجمة في «الميزان»، وكذا في «الكامل» لابن عديٍّ، وهو ثقةٌ، وأمَّا قول الشَّافعيِّ: (حديثُ أبي العالية الرِّياحيِّ رِياحٌ)؛ فإنَّما أراد به حديثه الذي أرسله في القهقهة فقط، ومذهب الشَّافعيِّ أنَّ المراسيل ليست بحجَّة [إلَّا بشروط، والشروط مذكورة في كتب الحديث، فإن أردتها؛ فانظرها، وهي في كلام الشَّافعيَّة أيضًا](3)، فأمَّا إذا أسند أبو العالية؛ فحجَّةٌ، وقد أفرد الخليليُّ الحافظُ حديثَ القهقهة بالتأليف، وقد رويته، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ): هو عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا تقدَّم مرَّات، وتقدَّم ما فيه(4) [خ¦9].


[1] في (ب): (المجمع).
[2] (لي): ليس في (ب).
[3] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (وقد رويته، والله أعلم)، انظر «الرسالة» للشافعيِّ (ص461▒، و«تدريب الراوي» ░1/198▒.
[4] (وتقدم ما فيه): ليس في (ج).