التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟

          (بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللهِ ╡)... إلى (بَاب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)
          قوله: (فَيَكِلُ الْعِلْمَ): (يكلُ)؛ برفع اللَّام، قال ابن المُنَيِّر: (ظنَّ الشَّارح _يعني: ابنَ بطَّال أبا الحسن_: أنَّ المقصود من هذا الحديث _يعني: حديث أُبيِّ بن كعب المذكور بعد التَّرجمة_ التَّنبيهُ على أنَّ الصَّواب من موسى كان(1) ترك الجواب، وأن يقول: لا أعلم، وليس كذلك، بل ردُّ العلم إلى الله ╡ مُتَعيَّنٌ أجاب أو لَمْ يُجِبْ، فإنْ أجاب؛ قال: الأمر كذا، والله أعلم، وإنْ لَمْ يُجِبْ؛ قال: الله أعلم، ومن ههنا تأدَّب المُفْتُونَ في أجوبتهم بقولهم: «والله أعلم»، فلعلَّ موسى لو(2) قال: «أنا، والله أعلم»؛ لكان صوابًا، وإنَّما وقعت المؤاخذة باقتصاره على قوله: أنا أعلم؛ فتأمَّله) انتهى، وما قاله ابن [المنيِّر أخذ بعضه(3) من](4) تبويب البخاريِّ، والقاضي عياض في «الشفا» قال ما لفظه: (وعَتَبُ الله عليه _فيما قاله العلماء_ إنكارُ هذا القول عليه؛ لأنَّه لَمْ يَرُدَّ العلمَ إليه؛ كما قالت الملائكة: {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا}[البقرة:32]، أو لأنَّه(5) لَمْ يرضَ قولَه شرعًا؛ وذلك _والله أعلم_ لئلَّا يقتدي به فيه مَن لَمْ يبلغ كمالَهُ في تزكية نفسه وعلوِّ درجته من أمَّته، فيهلك؛ لما تضمَّنه من مدح الإنسان نفسَه، ويورثه ذلك من الكِبْر، والعُجْب، والتعاطي، والدَّعوى، وإن نُزِّه عن هذه الرذائلِ الأنبياءُ فغيرهم بمَدْرَجة سبيلها ودرك نَيْلها إلَّا مَن عصمه الله، فالتحفُّظ منها أولى لنفسه وليُقتَدَى به، ولهذا قال ╕ تحفُّظًا من مثل هذا ممَّا قد أُعلِم به: «أنا سيِّد وَلَد آدم ولا فخر») انتهى.


[1] في (ب): (الصَّواب كان من موسى).
[2] (لو): ليس في (ج).
[3] (بعضه): سقط من (ج).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[5] في (ج): (إلَّا أنَّه).