التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

          (بَابُ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)
          ذكر في الباب حديث عَبْد الله بن عمر ☻ «ما(1) يلبس المحرم؟»، اعلم أنَّ موقع هذه التَّرجمة من الحديث ما قاله ابن المُنَيِّر، قال ابن المُنَيِّر: (لقد أمعنَ في استنباط جواهر الحديث التي خفيت على كثير، وموقع التَّرجمة من الفوائد: التَّنبيهُ على أنَّ مطابقةَ الجواب للسائل حتَّى لا يكون الجوابُ عامًّا والسؤالُ خاصًّا غيرُ لازم، فيوجب ذلك حمل اللفظ [العامِّ الواردِ] على سببٍ خاصٍّ على عمومه، لا على خصوص السبب؛ لأنَّه جوابٌ وزيادةُ فائدةٍ، وهو المذهب الصَّحيح في القاعدة، ويُؤخَذ منه أيضًا أنَّ المفتيَ إذا سُئِل عن واقعة، واحتمل عنده أن يكون السَّائل يتذرَّع بجوابه إلى أنْ يعدِّيَه إلى غير محلِّ السؤال؛ وجب عليه تفصيل جوابه، وأنْ يزيده بيانًا، وأنْ يذكر مع الواقعة ما يتوقَّع التباسه بها، ولا يُعَدُّ ذلك تعدِّيًا، بل تحرِّيًا، وكثير من القاصرين يدفع بما لا ينفع، ويأتي بالجواب أبتر؛ تَسَرُّعًا لا تَوَرُّعًا، والزيادة في الحديث بقوله: «فإنْ لم تجدِ النعلين...» إلى آخره، والله أعلم)، انتهى.
          وقد جاء في «أبي داود» وغيرِه: (ما يترك المُحرِم من الثِّياب؟)، مكان (يلبس)، ولا سؤال على هذه الرِّواية، ولو قيل في الجواب: إنَّه لمَّا حصر ما لا يجوز؛ فُهِم منه(2) ما يجوز الذي سُئِل عنه؛ لأنَّ ما يجوز كثيرٌ، ولا يمكن حصره، فحَصْرُ ما لا يجوز فُهِم منه ما يجوز، والله أعلم، ولو ذكر الحديثَ الذي فيه السؤال عنِ الوضوء بماء البحر، فقال ╕: «هو الطَّهُورُ ماؤُه الحِلُّ(3) مِيتتُه»؛ كان أصرحَ في مقصوده، لكنَّه ليس على شرطه، وهو في «السنن الأربعة»، والذي سأل عنِ الوضوء بماء البحر اسمه عبيد العَرَكيُّ.


[1] (ما): ليس في (ج).
[2] (منه): ليس في (ج).
[3] في (ب): (والحل).