التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب رفع العلم وظهور الجهل

          (بَابُ رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ)... إلى (بَاب الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ)
          سؤال: إن قلت: ما وجه قول ربيعة الآتي(1) من رفع العلم؟ الجواب: ما قاله ابن المُنَيِّر: (وجهه أنَّ صاحب الفهم إذا ضيَّع نفسه فلم يتعلَّم؛ أفضى إلى رفع العلم؛ لأنَّ البليد لا يقبل العلم، فهو عنه مرتفع، فلو لَمْ يتعلَّم الفَهِمُ؛ لارتفع العلمُ عنه أيضًا، فيرتفع عمومًا، وذلك من الأشراط التي(2) لا تقارن في الوجود إلَّا شرار الخلق، فعلى الناس أن يتَّقوها ما أمكن)، انتهى.
          وقال شيخنا الشَّارح: (ويحتمل أنَّ المراد به: أنَّ العالم ينبغي له تعظيم العلم بألَّا يأتيَ أهلَ الدنيا؛ إجلالًا له، فإنَّه إذا أكثر منهم؛ أدَّاه ذلك إلى قلَّة الاشتغال والاهتمام به، ويحتمل أنَّ مَن هذا حاله لا يضيِّع نفسه بأن يجعله للأغراض الدنيويَّة، بل يقصد به الإخلاص؛ لتحصل له الثمرات الأخرويَّة، فيكون جامعًا للعلم والعمل به)، انتهى.
          وقال ابن قُرقُول: («أنْ يُضَيِّع نفسَه»: يُهينها؛ أي: لا يأتي بعلمه أهلَ الدنيا ويتواضع لهم، ويحتمل أن يريدَ إهمالَ نفسه، وتركَ توقيرها، وتضييعَ ما عنده من علمٍ حتَّى لا يُنتفع به)، انتهى.
          قوله: (وَقَالَ رَبِيعَةُ): هو ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن فَرُّوخَ _بفتح الفاء، وتشديد الرَّاء المضمومة، وفي آخره خاء معجمة، غير مصروف؛ للعجمة والعَلَمِيَّة_ مولى آل المُنْكَدِر، فقيه المدينة المشرَّفة، أبو عثمان، صاحب الرأي، عنِ السائب بن يزيد، وأنس، وابن المُسَيِّـَب، وعنه: مالك، واللَّيث، والدَّرَاوَرْدِيُّ، وغيرُهم، تُوُفِّيَ بالأنبار، وقيل: بالمدينة سنة ░136هـ▒، وثَّقه أحمد وابن حبَّان، وقد اختلط، وقد ذكرته في كتاب «الاغتباط فيمن رُمِيَ بالاختلاط»؛ فانظره، فإنِّي ذكرت جماعة كثيرة، وهو قابلٌ للزيادة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له الجماعة.
          قوله: (أنْ يُضَـِيِّعَ(3)): هو بتخفيف الياء(4)، وهي لغة القرآن، ويجوز تشديدها.


[1] في (أ) و(ب): (اللاتي).
[2] (التي): مثبت من (ج).
[3] في (ب): (تضييع)، وهو تحريف.
[4] زيد في (ب): (وهو ثقة)؟.