التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب السمر بالعلم

          (بَابُ السَّمَرِ بِالْعِلْمِ)... إلى (بَاب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟)
          سؤال: إن قيل: أين السَّمر في العلم في حديث ابن العبَّاس؛ فإنَّه لَمْ يُنقَل عنِ النَّبيِّ صلعم ولا عن نفسه تلك اللَّيلة إلَّا قوله: «نَامَ الْغُلَيِّمُ» [خ¦117] أو نحوه، وهذا ليس بسَمَر؟
          والجواب: ما قاله ابن المُنَيِّر: (قيل: يحتمل أن يريد هذه الكلمةَ، فيثبت(1) بها أصلُ السَّمَر، ويحتمل أن يريد ارتقابَ ابنِ عبَّاس لأحواله ╕ وتتبُّعَه، ولا فرقَ بين التَّعلُّم(2) من الحديث، والتَّعلُّم من الفعل، فقد سهر(3) ابنُ عبَّاس ☺ ليلته(4) في طلب العلم وتلقِّيه من الفعل، والتَّعلُّم مع السَّهر معنى السَّمَر، والغائلة(5) التي كُرِه لها السَّمَر إِنَّمَا هي السهر؛ خوف التفريط في صلاة الصبح، فإذا كان سَمَر العلم؛ فهو في طاعة، فلا بأس)، انتهى.
          [وأحسن من هذين: أنَّه أشار إلى أصل الحديث وهو في «مسلم» عنِ ابن عبَّاس: (فتحدَّث النَّبيُّ صلعم مع أهله ساعةً، ثمَّ رقد)، وكذا في أواخر هذا «الصَّحيح» [خ¦7452]، وكذا في (تفسيره) أيضًا في (آل عمران) [خ¦4569]، فهذا الذي أراد البخاريُّ، والله أعلم](6).
          قوله: (السَّمَرِ): هو بالفتح في الميم، (قال القاضي عياض: وهي الرِّواية، وقال أَبُو(7) مروان بن سِراج: الإسكان أولى؛ لأنَّه اسم الفعل، وكذا ضبطه بعضهم بالفتح؛ وهو الحديث بعد العشاء، وأصله لون ضوء القمر؛ لأنَّهم كانوا يتحدَّثون إليه، ومنه سُمِّي الأسمرُ؛ لشبهه بذلك اللَّون) انتهى ما قاله ابن قُرقُول، وقال شيخنا الشَّارح: (وقال غيره _يعني: غير القاضي_: السَّمَر؛ بالفتح: الحديث باللَّيل، وأصله: لا أكلِّمه السَّمَر والقَمَر؛ أي: اللَّيل والنهار) انتهى(8).


[1] في (ج): (فيكتب).
[2] في (ب): (التعليم).
[3] في (ب) و(ج): (سمر).
[4] في (ب) و(ج): (لطلبه).
[5] في (ج): (والغالب)، وفي مصدره: (والغاية).
[6] ما بين معقوفين ليس في (ب) و(ج).
[7] في (ج): (ابن).
[8] (انتهى): ليس في (ج)، انظر «التوضيح» ░3/583▒.