التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي

          63- قوله: (الْمَقْبُرِيِّ): تقدَّم الكلام عليه، وعلى بائه، وأنَّها بالضمِّ والفتح والكسر، وأنَّه حكاه ابن مالك في «المثلَّث» له، ولماذا نُسِب إلى المقبرة [خ¦39].
          قوله: (دَخَلَ رَجُلٌ): هذا الرجل سيجيء في آخر الحديث أنَّه ضِمَام بن ثعلبة، وقد تقدَّم الكلام عليه أعلاه [خ¦46] [خ¦61].
          قوله: (مُتَّكِئٌ): هو بهمزة في آخره.
          قوله: (بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ): هو بفتح الظاء المعجَمة(1) والنُّون؛ أي: بينهم، قال الجوهريُّ: (ويقال: نازل بين ظهرَيْهِم وظهرانَيْهِم؛ بفتح النون، ولا تقل: ظهرانِيهم؛ بكسرها).
          قوله: (ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): (ابنَ): منصوب؛ لأنَّه منادى مضاف، كذا قرأته، وكذا سمعت الناس يقرؤونه، وقال بعضهم ممَّن(2) عاصرتُه واجتمعتُ به مرارًا كثيرة(3) من الفضلاء المصريِّين: (إنَّه بفتح الهمزة؛ لأنَّه منادى بالهمزة)، والحاملُ له على ذلك كونُه قريبًا، والقريب يُنادى بالهمزة، ولم أرَ هذا الضَّبط لغيره(4)، ولكنَّه حسنٌ سائغ، والله أعلم.
          وقد جاء في «مسلم»: (يا محمَّد)، وعليه سؤال؛ وهو أن يقال: كيف لَمْ يخاطبْه بالنُّبوَّة ولا بالرِّسالة وقد قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا}[النور:63
          والجواب: أنَّه يحتمل أوجهًا؛ أحدها: أنَّه لَمْ يؤمن بعدُ، ثانيها(5): أنَّه باقٍ على جفاء الجاهليَّة، لكنه لَمْ ينكر عليه ولا ردَّ عليه، فلعلَّه ترك ذلك تأليفًا له على الإسلام، أو كان ذلك قبل النهي عن مخاطبته ╕ بذلك، أو لعلَّ النهي لم يبلغه، والله أعلم. /
          قوله: (قَدْ أَجَبْتُكَ): لَمْ يتلفَّظ ╕ بالجواب؛ لأنَّه جعل السُّكوت عند قول أصحابه ما قالوه جوابًا منه عمَّا سألهم عنه، على أنَّه قد جاء في «أبي داود» في هذا الحديث من حديث ابن عبَّاس أنَّه قال: أيُّكم ابن عبد المطَّلب؟ فقال ╕: «أنا ابن عبد المطَّلب»، فقال: يَا بن عبد المطَّلب...؛ وساق الحديث، وأجاب بعضهم عن جوابه لفظًا على الرِّواية الأولى: بأنَّه ╕ كره ما دعاه به(6)؛ حيث لَمْ ينسبه إلى ما شرَّفه الله به من النُّبوَّة والرسالة، ونسبه إلى جدِّه.
          فإن قيل: فكيف قال ╕ يوم حُنين: «أنا النَّبيُّ لا كذِب، أنا ابن عبد المطَّلب»؟
          قيل: الجواب: أنَّه أشار إلى رؤيا رآها عبدُ المطَّلب مشهورةٍ كانت إحدى دلائل نبوَّته، فذكَّرهم بها وبخروج الأمر(7) فيها على الصِّدق.
          قوله: (فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ): أي: تغضب.
          قوله: (بَدَا لَكَ): (بدا): بغير همز؛ أي: ظهر.
          قوله: (آللهُ أَرْسَلَكَ؟): هو(8) بهمزة الاستفهام أوَّلًا، وكذا (آللهُ أَمَرَكَ؟)، وكذا الثالثة، وكذا الرابعة.
          قوله: (أَنْشُدُكَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألك، وكذا الثِّنْتان بعد هذه كهَذِه(9) لفظًا ومعنًى.
          قوله: (أَنْ نُصَلِّيَ): هي بالنون(10) عنِ الأصيليِّ، ولغيره: بالتاء؛ يعني(11): المثنَّاة فوق، قال القاضي: (والأوَّل أوجه).
          قوله: (الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ): هو بنصب (الخَمْسَ) صفة لـ(الصَّلواتِ)، وكسر تاء (الصلواتِ)، وهو منصوبٌ أيضًا، وعلامة النصب فيه الكسرة، [واعلم أنَّه لَمْ يسأله عنِ الحجِّ؛ لأنَّه كان معلومًا عندهم من شريعة إبراهيم صلعم](12).
          قوله: (أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ): [أي: مَن هو مِن بني سعد بن بكر]، وبكر هو ابن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصَفة بن قيس(13) عَيلان.
          قوله: (رَوَاهُ مُوسَى): لعلَّه هو ابن إسماعيل [_وكذا هو في نسخةٍ هي أصلُنا الدمشقيُّ نسبه إلى أبيه_](14) التَّبُوْذَكيُّ البصريُّ الحافظ، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ بالبصرة في رجب سنة ░223هـ▒، ثقةٌ مأمونٌ، وقد روى عنه البخاريُّ، وأبو داود، و(عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ(15) الْحَمِيدِ): أزديٌّ مَعْنيٌّ، يروي عن عبد العزيز الماجشون وعدَّةٍ، وعنه: البخاريُّ تعليقًا، والدَّارميُّ، وعبَّاس الدُّوريُّ، وخلقٌ، وثَّقه أبو حاتم وغيره، قال النَّسائيُّ: (تُوُفِّيَ سنة «222هـ»)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، و(سُلَيْمَان): هو ابن المغيرة القيسيُّ، أبو سعيد البصريُّ، لا سليمان بن طرخان أبا المعتمر، ولا سليمان بن داود الصائغ، والثلاثة يروون عن ثابت عن أنس، ولكنَّ هذا الحديث من رواية سليمان ابن المغيرة.
          وقد أخرج هذا الحديثَ مسلمٌ في (الإيمان) عن عمرو الناقد(16)، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، وعن عبد الله بن هاشم عن بهز؛ كلاهما عن سليمان بن المغيرة عنه به، وأخرجه الترمذيُّ في (الزَّكاة)(17) عنِ البخاريِّ _صاحب «الصَّحيح» هذا_ عن عليِّ بن عبد الحميد الكوفيِّ بإسناده نحوه، وقال: (حسن غريب)، وأخرجه النَّسائيُّ في (الصَّوم) وفي (العلم) عن محمَّد بن مَعْمَر، عن أبي عامر العقديِّ، عن سليمان بن المغيرة نحوه، ورواية موسى هَذِه لَمْ أرَها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخُنا، [وقال بعض حفَّاظ مصر المتأخِّرين: (أخرجها أبو عوانة في «مسنده») وطرقه](18)، وأمَّا رواية عليِّ بن(19) عبد الحميد؛ فقد تقدَّم أعلاه أنَّها رواها الترمذيُّ.
          فائدة _وعدت بها فيما مضى [خ¦26]_: (التَّبُوْذَكيُّ): بفتح التاء المُثنَّاة فوق، ثُمَّ موحَّدة مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة مفتوحة، ثُمَّ كاف، وإنَّما قيل له: التَّبُوذَكيُّ؛ لأنَّه اشترى دارًا بتبوذك، وقيل: نزل دارَه قومٌ منها، وقيل: إنَّه نُسب إلى بيع السِّرْجِين، وقيل: نسب إلى بيع ما في بطون الدَّجاج من الكبد والقلب والقانصة.
          فائدة: إنَّما أتى بهذه المتابعة؛ لأنَّ شَريكًا تابعيٌّ صدوقٌ، لكنَّه متكلَّم فيه؛ لسوء(20) حفظه، وقد قال ابن معين مرَّة: (لا بأس به)، ومرَّة قال هو والنَّسائيُّ: (ليس بالقويِّ)، وقد وهَّاه ابن حزم؛ لأجل حديثه في الإسراء، وسيأتي الحديثُ والكلامُ(21) على شريك فيه [خ¦7517]، فثابت بن أسلم البُنانيُّ أقوى منه، وإنْ كان له الآخر ترجمة في «الميزان»، إلَّا أنَّه صحَّح عليه، فالعمل على توثيقه، وهو ثابت كاسمه، قال الذهبيُّ: (ولولا ذكر ابن عديٍّ له؛ ما ذكرته)، فجاء بهذه المتابعة؛ ليقوِّيَ الحديث، والله أعلم.


[1] (المعجمة): ليس في (ب).
[2] في (ج): (بعض من)، وكانت كذلك في (أ) قبل الإصلاح.
[3] (مرارًا كثيرة): ليس في (ج).
[4] في (ب): (بغيره).
[5] في (ب): (وثانيها).
[6] (به): ليس في (ج).
[7] في (ب): (الأثر).
[8] في (ب): (هي).
[9] (كهذه): سقط من (ب).
[10] في (ب): (بالتنوين).
[11] (يعني): ليس في (ب).
[12] ما بين معقوفين ليس في (ب).
[13] ما بين معقوفين ليس في (ب).
[14] زيد في (ب): (بن).
[15] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (ثقة مأمون)، وسقط من (ج).
[16] (عبد): ليس في (ب).
[17] (في الزكاة): ليس في (ج).
[18] ما بين معقوفين ليس في (ب) و(ج).
[19] (علي بن): ليس في (ب).
[20] في (ب): (بسوء).
[21] في (ب): (في الكلام).