عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله
  
              

          ░2▒ (ص) بابُ مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ، وَمَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان ما يجوز مِن شُروط المكاتَب، ومِن جملة شُروط المكاتَب قَبولُه العقدَ، وذكرُ مال الكِتابة، سواء كان حالًّا أو مؤجَّلًا أو منجَّمًا، وعند الشَّافِعِيِّ: إذا شرط حالًّا لا يكون كِتابة، بل يكون عِتقًا، ومِن شروطه: أن يكون عاقِلًا بالغًا، ويجوز عندنا أيضًا إذا كان صغيرًا مميِّزًا؛ بأن يعرِفَ أنَّ البيع سالبٌ والشِّراء جالب، وفي «شرح الطَّحَاويِّ»: وإذا كان لا يعقل لا يجوزُ إلَّا إذا قبِلَ عنه إنسانٌ، فَإِنَّهُ يجوز ويتوقَّف على إدراكِه، فإن أدَّى هذا القابِل عتق، وعند زُفَر: له استردادُه، وهو القياس، وليس في أحاديثِ البابِ إلَّا ذكرُ شرط الولاء.
          قوله: (وَمَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ) وهو الشرطُ الذي خالف كتابَ الله أو سُنَّة رسولِه أو إجماعَ الأمَّة، وقال ابن خُزَيمة: معنى «لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ» ليس في حكم الله جوازُه أو وجوبُه، لا أنَّ كلَّ مَن شَرَط شرطًا لم ينطِق به الكتابُ يبطل؛ لأنَّه قد يشترط في البيع الكفيل، فلا يبطل الشرط، ويُشتَرط في الثمن شروطٌ مِن أوصافِه أو مِن نجومِه ونحو ذلك؛ فلا يبطل، وقال النَّوَوِيُّ: قال العلماء: الشرط في البيع أقسام؛ أحدها: يقتضيه إطلاقُ العقد؛ كشرط تسليمِه، الثاني: شرطٌ فيه مصلحة؛ كالرهن، وهما جائزان اتِّفاقًا، الثالث: اشتراط العتق في العبد، وهو جائزٌ عند الجمهور؛ لحديث عائشة في قصَّة بَريرة، الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد، ولا مصلحة فيه للمشتري؛ كاستثناء منفعتِه، فهو باطلٌ.
          (ص) فِيهِ: ابنُ عُمَرَ عنِ النَّبِيِّ صلعم .
          (ش) يعني: في هذا الباب عبدُ الله بن عُمَر يروي عنِ النَّبِيِّ صلعم ، وفي روايةِ أبي ذرٍّ: <فيه عنِ ابن عمر> أي: رويَ عنِ ابنِ عمر ☻، وكأنَّه أشار بذلك إلى حديث ابنِ عمر الذي يأتي في آخِرِ الباب.