- مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
الفائدة الثالثة: في بيان أول من صنف في اصطلاح الحديث
وهو المعبر عنه بعلم الحديث وفي بيان أول من دون الحديث رواية مطلقاً صحيحاً كان أو غيره، وفي بيان أول من دون في الحديث الصحيح المجرد عن الضعيف وغيره
فأول من صنف في اصطلاح الحديث كما قال الحافظ ابن حجر في ((شرح النخبة)) وغيره: القاضي أبو محمد الرامهرمزي كتابه ((المحدث الفاصل))، ومنهم الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، ثم أبو نعيم الأصبهاني، ثم الخطيب البغدادي كتابه ((الكفاية في قوانين الرواية))، وكتابه ((الجامع لآداب الشيخ والسامع)) وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتاباً مفرداً، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من أنصف علم أن المحدثين بعده عيال على كتبه، ثم القاضي عياض كتاب ((الإلماع)) وأبو حفص الميانجي كتابه المسمى ((بما لا يسمع المحدث جهله)) وأبو بكر الحافظ بن أحمد القسطلاني في كتابه ((المنهج المبهج عند الاستماع لمن رغب في علوم الحديث على الاطلاع)) ثم أبو عمرو عثمان بن الصلاح كتابه المسمى ((بعلوم الحديث)).
فعكف الناس عليه فمنهم الناظم له كالحافظ زين الدين العراقي، ومنهم المختصر له كالنَّووي اختصره في ((التقريب)) بعد ((الإرشاد))، وكابن كثير فإنه اختصره وأضاف إليه الكثير، ومنهم ((المستدرك)) عليه كمغلطائي، فإنه استدرك عليه في كتاب / سماه: ((إصلاح ابن الصلاح))، وكالبلقيني في كتابه ((محاسن الاصطلاح))، ومنهم المعارض له كالبلقيني أيضاً، ومنهم المنتصر له كالعراقي في ((نكته))، فجزاهم الله عن صنيعهم خيراً، وأما أول من صنف في الحديث رواية ودونه وجمعه بالكتابة أبو بكر بن محمد بن حزم بأمر من عمر بن عبد العزيز ☺، كما في ((الموطأ)) وذلك لأنَّه لما مات معظم الصحابة ♥، وتفرقت أتباعهم، وقل الضبط واتسع الخرق، وكاد الباطل أن يلتبس بالحق خاف عمر بن عبد العزيز ☺ على اندراس الحديث فأمر بكتابته صوناً له عن الضياع.
وقال الهروي في ((ذم الكلام)): ولم تكن الصحابة ولا التابعون يكتسبون الأحاديث، وإنما كانوا يؤدونها لفظاً، ويأخذونها حفظاً إلا كتاب الصدقات، والشيء اليسير حتى خيف عليه الاندراس لموت العلماء، فأمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر بن محمد بن حزم فيما كتب إليه: انظر ما كان من سنة أو حديث فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء.
وأخرج أبو نعيم في ((تاريخ أصبهان)) عن عمر بن عبد العزيز أنَّه كتب إلى أهل الأفاق انظروا في حديث رسول الله صلعم فاجمعوه، وعلقه البخاري في ((صحيحه)) كما سيأتي في كتاب العلم.
قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)): فيستفاد منه ابتداء تدوين الحديث النبوي، وعبارته في ((مقدمة فتح الباري)): أعلم أن آثار النبي صلعم لم تكن في أعصار الصحابة وكبار أتباعهم مدونة في الجامع ولا مرتبة لأمرين:
أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهو عن ذلك، كما ثبت في ((صحيح مسلم)) خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم.
وثانيهما: لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم، ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة، ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار، وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار، فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة إلى أن انتهى الأمر إلى كبار الطبقة الثالثة، فدونوا الأحكام، فصنف الإمام مالك بن أنس ((الموطأ)) بالمدينة، وعبد الملك بن جريج بمكة، وعبد الرحمن الأوزاعي بالشام، وسفيان الثوري بالكوفة، وحماد بن سلمة بن دينار بالبصرة، ثم تلاهم كثير من الأئمة فرتب على حسب ما يسنح له، فمنهم من رتب على المسانيد كأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعثمان بن أبي شبيبة وغيرهم؛ أي: كأحمد بن منيع وأبي بكر البزار، ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معاً كأبي بكر بن أبي شيبة، انتهت باختصار.
وزاد غيره فقال: ومنهم من رتب على العلل بأن جمع في كل متن طرقه، واختلاف الرواة فيه بحيث يظهر إرسال المتصل، ووقف المرفوع وغير ذلك، ومنهم من رتب على الأبواب الفقهية وغيرها ونوعه أنواعاً، وجمع كل نوع إثباتاً ونفياً في باب فبات بحيث ميز ما يتعلق بالصلاة عما يتعلق بالصوم والزكاة وهكذا، وأهل هذه الطريقة منهم من تقيد بالصحيح فقط كالشيخين، ومنهم من لم يتقيد بذلك كباقي أصحاب السنن الستة، ومنهم من اقتصر على الأحاديث المتضمنة للترغيب والترهيب / كالمنذري، ومنهم من حذف الأسانيد، واقتصر على المتون فقط كالبغوي في ((مصابيحه)) واللؤلؤي في ((مشكاته)) وأهل التوفيق بين ما في ((فتح الباري)) وبين ما في ((المقدمة)) له بأن الأولية نسبية أو هو بوجه مخصوص في التأليف، فتأمل.
وقال ابن الملقن في ((شرح منهاج النووي)): واختلف العلماء في أول من صنف الكتب على ثلاثة أقوال:
أحدها: عبد الملك بن جريج، ثانيها: الربيع بن صبيح، ثالثها: سعيد بن أبي عروبة، انتهى.
وقال العلامة ابن حجر المكي في ((التحفة)): والتصنيف في العلوم الواجبة لا المندوبة كالعروض خلافاً لمن عده من فروض الكفاية من البدع الواجبة التي حدثت بعد عصر الصحابة ♥، واختلفوا في أول من اخترعه فقيل: عبد الملك بن جريج شيخ شيخ الشافعي رحمهما الله تعالى، وقيل: غيره وكتابة العلم مستحبة، وقيل: واجبة وهو وجيه في الأزمنة المتأخرة، وإلا لضاع العلم، وإذا وجبت كتابة الوثائق لحفظ الحقوق فالعلم أولى، انتهى.
وذكرنا أول الخطبة أن الزركشي قال: من فروض الكفاية تصنيف الكتب لمن منحه الله تعالى فهماً واطلاعاً، ولن تزال هذه الأمة مع قصر أعمارها في ازديادٍ وترقٍّ في المواهب والعلم لا يحل كتمه، فلو ترك التصنيف لضاع العلم على الناس.
وأمَّا أول من صنف في الصحيح المجرَّد عمَّا عداه من حسن وضعيف فهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في ((صحيحه)) الذي هو أصحُّ مصنف في الحديث على الراجح، ثمَ تبعه غيره من الحفاظ وغيرهم كمسلم، فإن ((صحيحه)) بعد ((صحيح البخاري)) وضعها اتفاقاً وصحة على الصحيح، كما صرحوا بذلك منهم النووي وغيره كشراح ((ألفية)) الحافظ عبد الرحيم العراقي عند قولها:
أول من صنف في الصحيح محمد وخص بالترجيح
ومسلم بعدُ وبعض الغرب مع أبي عليٍّ فضلوا ذا لو نفع
وقلت في ذلك مع التصريح بمراد العراقي وزيادة:
لأول جمع في الصحيح المجرد صحيح البخاري الإمام محمد
ويتلوه في الرجحان والوضع مسلم على المذهب الأقوى فحقق وسدد
فقولي على المذهب الأقوى؛ أي: الأرجح ناظر إلى قولي، ويتلوه في الرجحان لا إلى قولي والوضع؛ لأنه بالنظر إليه متفق عليه، ولذلك قلت: فحقق وسدد، وقلت أيضاً:
لقد صنف الأعلام كتباً كثيرة مفضلة بالبحث عن هدى أحمد
وأرجحها عند الأنام جميعهم سوى البعض يا هذا صحيح محمد
وسيأتي بيان ترجيحه في ترجمة مؤلفه.