إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن

          6772- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) بضم الموحدة وفتح الكاف، المخزوميُّ مولاهم المصريُّ، وبكير اسم جدِّه، واسم أبيه عبدُ الله قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضم العين وفتح القاف، ابن خالد (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد ابن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن الحارث بنِ هشام المخزوميِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ) إذا استحلَّه مع العلمِ بتحريمهِ، أو يُسلَبُ الإيمان حالَ تلبُّسه بالكبيرةِ، فإذا فارقَها عاد إليه، أو هو من باب‼ التَّغليظ للتَّنفير عنه، أو معناه: نفيُ الكمال، وإلَّا فالمعصيةُ لا تُخرِجُ المسلم عن الإيمانِ خلافًا للمعتزلةِ المكفِّرين بالذَّنب القائلين بتخليد العاصي في النَّار (وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُـ)ـه(1) (وَهْوَ مُؤْمِنٌ) إذا استحلَّه، كما مرَّ / (وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ) ولأبي ذرٍّ: ”ولا يسرق السَّارق حين يسرق“ (وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً) بضم النون، مالًا منهوبًا جهرًا قهرًا ظلمًا لغيره (يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ) إلى النَّاهب (فِيهَا أَبْصَارَهُمْ) لا يقدرونَ على دفعهِ ولو تضرَّعوا إليه (وَهْوَ مُؤْمِنٌ) أو هو كنايةٌ عن عدم التَّستُّر بذلك، فيكون صفة لازمة للنَّهب، بخلاف السَّرقة والاختلاس، فإنَّه يكون في خفيةٍ، والانتهابُ أشدُّ لِمَا فيه من مزيدِ الجراءةِ وعدم المُبَالاة، ولم يذكرِ الفاعل في الشُّرب وما بعده، ففيه _كما قال ابن مالك_ جواز(2) حذف الفاعل لدَلالة الكلامِ عليه، والتَّقدير: ولا يشرب الشَّارب الخمر.... إلى آخره، ولا يرجع الضَّمير إلى الزَّاني لئلَّا يختصَّ به، بل هو عامٌّ في كلِّ من شرب، وكذا في الباقِي، وقد ذكر الفاعل في «لا يسرق» في رواية أبي ذرٍّ، كما مرَّ.
          والحديث أخرجه مسلمٌ في «الأشربة»، وابن ماجه في «الفتن».
          (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ _بالسَّند السَّابق_ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ) بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ، كلاهما (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم بِمِثْلِهِ) أي: بمثلِ حديث أبي بكرَةَ، عن أبي هُريرة ☺ هذا (إِلَّا النُّهْبَةَ) فليستْ فيه، والله أعلم.


[1] «الهاء»: ليست في (د).
[2] قوله: «جواز» زيادة من الفتح.