إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رفاعة طلق امرأته فتزوجها عبد الرحمن

          5825- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) أبو بكرٍ العبديُّ مولاهم الحافظ بُنْدَار قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ) بن عبد المجيد الثَّقفيُّ قال: (أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ) السَّختيانيُّ (عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عباس (أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ) تميمة بنت وهب (فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ) بفتح الزاي وكسر الموحدة (القُرَظِيُّ) بضم القاف والظاء(1) المعجمة، من بني قريظة (قَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا) إلى عائشة من زوجها عبد الرَّحمن (وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا) من أثر ضربه لها، وفيه التفاتٌ أو تجريد (فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) قال عكرمة: (وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا) اعتراض بين السَّابق(2) وبين قوله: (قَالَتْ عَائِشَةُ): يا رسول الله (مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى المُؤْمِنَاتُ) من المشقَّات(3) (لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا) الخمار الأخضر الَّذي عليها (قَالَ) عكرمة: (وَسَمِعَ) زوجها (أَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم ) تشكوه (فَجَاءَ) إلى النَّبيِّ(4) صلعم (وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا) لم يُسمَّيا، وفي رواية وهيب في «فوائد ابن السَّمَّاك» بنون، والواو في «ومعه» للحالِ (قَالَتْ) أي تميمة: (وَاللهِ) يا رسول الله (مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ) يكون سببًا لضربه لي (إِلَّا أَنَّ مَا مَعَهُ) من آلة الجماعِ (لَيْسَ بِأَغْنَى عَنِّي مِنْ هَذِهِ) الهُدْبة، أي: ليس دافعًا عنِّي شهوتي لقصورِ آلتهِ أو استرخائها عن المجامعةِ كهذه الهُدْبة (وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا، فَقَالَ) زوجها عبد الرَّحمن: (كَذَبَتْ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأَدِيمِ) أي: كنفضِ الأديم، وهو كناية عن كمال قوَّة الجماع (وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ) بحذف التاء كحائضٍ لأنَّها من خصائص النِّساء، فلا حاجة إلى التَّاء الفارقة (تُرِيدُ رِفَاعَةَ. فَقَالَ) لها (رَسُولُ اللهِ صلعم : فَإِنْ كَانَ) الأمر (ذَلِكَ لَمْ تَحِلِّي لَهُ أَوْ لَمْ تَصْلُحِي) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”لا تحلِّين له أو لا تصلُحين“ (لَهُ) لرفاعة، والشَّكُّ من الرَّاوي (حَتَّى يَذُوقَ) عبد الرَّحمن (مِنْ عُسَيْلَتِكِ) شبَّه لذَّة الجماع بذوقِ العُسَيلة، فاستعارَ لها ذوقًا، وأنَّث لإرادة قطعةٍ من العسل؛ إذ(5) / العسل في الأصل يذكَّر ويؤنَّث، والمراد الجماعُ سواء أنزل أو(6) لم يُنْزل، و«لم» بمعنى لا، كما قاله الأخفشُ، وأنشد:
لَوْلَا فَوارِسُ مِنْ قَيْسٍ وأُسْرَتِهِمْ                      يَوْمَ الصُّلَيْفَاء، لَمْ يُوفُونَ بالجارِ
(قَالَ) عكرمة: (وَأَبْصَرَ) ╕ (مَعَهُ) أي: مع عبد الرَّحمن (ابْنَيْنِ) زاد أبو ذرٍّ: ”له“ (فقال) له مستفهمًا: أ(بَنُوكَ هَؤُلَاءِ؟) بلفظ الجمع، ففيهِ إطلاقُ لفظ الجمعِ على الاثنين، لكن سبقَ أن في روايةِ وهيب‼ بلفظ بنون (قَالَ) عبد الرَّحمن: (نَعَمْ. قَالَ) ╕ لها: (هَذَا الَّذِي تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ) من عِنَّتِه (فَوَاللهِ لَهُمْ) أي: أولاده (أَشْبَهُ بِهِ) في الخلقِ (مِنَ الغُرَابِ بِالغُرَابِ).
          ومطابقة الحديث لما ترجم في قوله: «وعليها خمارٌ أخضرُ».


[1] في (د): «وبالظاء».
[2] في (م): «السابقتين».
[3] في (ب): «المشقاق».
[4] في (د): «رسول الله».
[5] في (د): «أو».
[6] في (د): «أم».