التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب صيام يوم عاشوراء

          ░69▒ (باب صوم عَاشُورَاءَ)
          المشهور: أنَّه بالمد، وحُكيَ القصر أيضًا، والصحيح: أنَّه عاشر المحرم، قيل: وليس في كلامهم فاعولاء بالمد غيره، وتاسوعاء من باب الصفة التي لم يرد لها فعل، والتقدير: يوم مدته عاشوراء، أو صفته عاشوراء، وقد اتفق العلماء _ كما قال النَّووي _ على أن صوم عاشوراء اليوم سنة ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أوَّل الإسلام حين شرع صومه قبل رمضان، فقال أبو حنيفة: كان واجبًا، واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين: أشهرهما عندهم:
          إنَّه لم يزل سنة من حين شرع، ولم يكن واجبًا في هذه الأمة قط، ولكنَّه كان متأكد الاستحباب، فلما فُرِض رمضان صار مستحبًا دون ذلك الاستحباب.
          والثاني: إنَّه كان واجبًا كقول أبي حنيفة، وتظهر فائدة الخلاف في اشتراط نية الصوم الواجب من الليل، فأبو حنيفة لا يشترطها، ويقول: أمر من كان مفطرًا يوم عاشوراء بصيامه بنية من النهار، ولم يؤمر بقضائه يوم صومه، وأصحاب الشافعي يقولون: كان مستحبًا، فصح بنية من النهار، وحجَّة أبي حنيفة قولها في الحديث: (أمر بصيامه)، والأمر للوجوب، فلما فُرِضَ رمضان ترك، وحجَّة الشافعي قوله صلعم : ((ولم يكتب عليكم صيامه)).