التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب الحجامة والقيء للصائم

          ░32▒ (باب الحِجَامَةِ وَالقَيْءِ لِلصَّائِمِ).
          قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ) هو بتشديد اللام.
          قوله: (عن أبي هريرة إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرُ إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ) قول أبي هريرة هذا روي مرفوعًا من حديث محمَّد بن سيرين عنه قال: قال رسول الله صلعم : ((من ذرعه القيء وهو صائم؛ فليس عليه قضاء، ومن استقاء؛ فليقض)) رواه أصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن حبَّان والدارقطني والحاكم، وقال البخاري: لا يعرف إلا من هذه الطريق، ولا أُراه محفوظًا، وروى معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن عمر بن الحكم بن ثوبان: أنَّه سمع أبا هريرة يقول: إذا قاء أحدكم؛ فلا يفطر، فإنَّما يُخرج ولا يدخل، وهذا عندهم أصحُّ موقوفًا على أبي هريرة كما ذكره البخاري.
          وقد أجمعوا على أن من ذرعه القيء لا قضاء عليه، ونقل ابن المنذر الإجماع على أن الاستقاءة مفطرة.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ: الفطر مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ) هذا الأثر أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظَبْيَانَ عن ابن عبَّاس في الحجامة للصائم، فقال: الفطر ممّا يدخل، وليس ممّا يخرج، زاد البيهقي: والوضوء ممّا يخرج، وليس ممّا يدخل. وأثر عكرمه مثله أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة عن هشيم عن حصين عنه به.
          قوله: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ ☻ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَهُ فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ) هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة عن ابن علية عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان...فذكره، وذكره ابن أبي شيبة من طريق آخر عن نافع بزيادة: فلا أدري لأي شيء تركه، كرهه أو لضعف.
          قوله: (وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا) أخرجه عنه ابن أبي شيبة أيضًا فقال: عن محمَّد بن أبي عدي عن محمَّد بن بكر عن أبي العالية قال: دخلت على أبي موسى وهو أمير البصرة مساءً، فوجدته يأكل تمرًا وكامخًا، وقد احتجم، فقلت له: أمَا تحتجم نهارًا؟ قال: أتأمرني أن أهريق دمي وأنا صائم؟ وأخرجه الحاكم في «مستدركه» من طريق مطر عن بكر بن عبدالله قال: عن أبي رافع قال: دخلتُ على أبي موسى، فذكره، وفي آخره: سمعتُ النَّبي صلعم يقول: ((أفطر الحاجم والمحجوم))، ثمَّ قال: صحيح على شرط الشيخين، وقال ابن المديني: صحيح، وخالف النَّسائي، فقال: خطأ، وقد روي موقوفًا.
          قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ: احْتَجَمُوا صِيَامًا) هذا الأثر عن سعد _ وهو ابن أبي وقاص فيما ذكره البيهقي _ ذكر الدارقطني / من حديث محمَّد بن جُحادة عن يونس عن ابن الحُصَيب عن مصعب بن سعد عنه، وفي «الموطأ» عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يحتجم وهو صائم، قال أبو عمر: ورواه عفان عن عبد الواحد بن زياد عن عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد قال: كان أبي يحتجم وهو صائم، وإسناده صحيح، فلا ينبغي أن يمرَّض كما فعل البخاري.
          وأمَّا أثر زيد بن أرقم؛ فأخرجه ابن أبي شيبة عن يعلى بن عبيد عن يونس بن عبدالله الجرمي عن دينار قال: حجمت زيد بن أرقم وهو صائم.
          وأمَّا أثر أم سلمة؛ فرواه ابن أبي شيبة أيضًا عن يزيد بن هارون عن سفيان عن فرات عن مولى لأم سلمة أنَّه رأى أم سلمة تحتجم وهي صائمة، قال ابن أبي حاتم: ورواه شريك عن فرات القزاز عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت أم سلمة.. _ الحديث _ قال أبي: هذا خطأ، إنَّما هو فرات مولى أم سلمة عنها.
          قوله: (وَقَالَ بُكَيْرٌ، عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ: كنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلاَ تَنْهَى) بكير هو ابن الأشج، وأم علقمة هي أم ابن أبي علقمة، سماها البخاري في بعض الأصول: مرجانة، وكذلك ابن حبَّان لما ذكرها في «ثقاته»، ورواه النَّسائي من حديث عطاء بن أبي رباح عنها عن رسول الله صلعم ، وعن عطاء وعروة موقوفًا عليها.
          قوله: (وَيُرْوَى عَن الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) هذا أخرجه النَّسائي عن زكريا بن يحيى عن عمرو بن علي عن عبدالرَّحمن بن أبي جمرة عن الحسن قال: قال رسول الله صلعم : ((أفطر الحاجم والمحجوم)).
          فائدة: يقال: إن الذي قال له النَّبي صلعم : ((أفطر الحاجم والمحجوم)) هو جعفر بن أبي طالب، ويقال: معقل بن سنان الأشجعي.
          قوله: (وَقَالَ لِي عَيَّاشٌ الرقام) هو بمثنَّاة من تحت وآخره شين معجمة وزيادة تعريفه بالرقام في نسخة الأصيلي، وهو عياش بن الوليد الرقام البصري القطان، روى عنه البخاري كثيرًا، وروى عنه أبو داود أيضًا، مات سنة ستة وعشرين ومائتين، وروى أبو داود أيضًا عن رجل عنه.