تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث: يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا

          6565- (لَو اسْتَشْفَعنا عَلى رَبِّنا) ضمَّن (اسْتَشْفَعنا) معنى: شَفِعنا، فعدَّاه بـ(عَلى) وجواب (لَو) محذوف، أي لكان خيرًا، أو هي للتمني فلا جواب لها. (بِيَدِهِ) أي بقدرته. (فَسَجَدوا لَكَ) أي سجود خضوع لا سجود عبادة. (لَسْتُ هُنَاكُم(1)) أي في هذه المرتبة قاله تواضعًا. (أَوَّلَ رَسولٍ بَعَثَهُ اللهُ) أي بعد آدم وشيث وإدريس، أو بناه على أنهم أنبياء لا رسل. (وَيَذكُرُ خَطِيئَتَهُ) هي في آدم أكلُه من الشجرة، وفي نوح دعوتُه على قومه، وفي إبراهيم معاريضُه الثلاث، وفي موسى قتلُه القبطي. قالوا ذلك تواضعًا وهضمًا لنفوسهم، وإلا ففي الحقيقة هم معصومون مطلقًا، ولم يذكر عيسى لنفسه خطيئة لكن في «مسلم»(2): ((إني عُبدت من دون الله)). (مَا شَاءَ اللهُ) روي: ((قدر جمعة)). (فَيَحُدُّ لي حَدًّا) كأن يقول: شفعتك فيمن أخل بالجماعة، ثم فيمن أخل بالصلاة، ثم فيمن شرب الخمر، ثم فيمن زنى وهكذا(3). قال شيخنا: كذا حكاه الطيبي، / والذي يدل عليه سياق الأخبار أن المراد به: تفضيل(4) مراتب المخرجين في الأعمال الصالحة كما وقع عند أحمد عن يحيى القطان عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة في هذا الحديث بعينه. وأطال في بيان ذلك، ويمكن رجوع ما قاله إلى ما حكاه الطيبي. (أَيْ وَجَبَ عَليهِ الخُلودُ) أي بنحو قوله تعالى: {إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:48] ومرَّ الحديث في تفسير سورة البقرة [خ¦4476].


[1] في (ع): ((هناك)).
[2] ليس في مسلم روايتا مسلم: ((لست هناكم)) 322/193، و(قال ولم يذكر ذنبًا) 327/194، ورواية (إنما عبدت من دون الله) في الترمذي3148.
[3] في المطبوع: كرر((وهكذا)).
[4] في (ع) والمطبوع: ((تفصيل)).