تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس

          6412- (مَغبُونٌ فِيهِمِا) خبر لقوله: (كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ) والغبْن_بسكون الموحدة_ وهو(1) النقص في البيع، أو _بفتحها_ وهو النقص في الرأي، فكأنه قال: هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي فقد غبن صاحبهما، أي: باعهما ببخس لا تحمد عاقبته أو ليس له في ذلك رأي البتة، فإن الإنسان إذا لم يعمل الطاعة في زمن صحته ففي زمن(2) المرض بطريق الأولى، وكذا الفراغ فيبقى بلا عمل خاسرًا مغبونًا، وقد يكون الإنسان صحيحًا ولا يتفرغ للعبادة لانشغاله(3) بأسباب المعاش وبالعكس، فإذا اجتمعا للعبد وقصر في نيل الفضائل غبن كل الغبن لأن الدنيا سوق الأرباح ومزرعة الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة مولاه فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها المرض ولو لم يكن إلا الهرم.


[1] في (ع): ((هو)) بلا واو.
[2] قوله: ((زمن)) ليس في (ع).
[3] في (ع) و(د) والمطبوع: ((لاشتغاله)).