تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب ركوب البدن

          ░103▒ (بَابُ: ركُوبِ البُدُْنِ) أي: جوازه، وهو بسكون الدال وضمها جمع بدَنة: وهي الواحدةُ من الإبلِ والبقر(1)، وهو المرادُ هنا، وقيل: الإبلُ والبقرُ، وقيل: الإبل والبقر والغنمُ، وهو غريبٌ. (لِقَولِهِ: {وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللهِ} [الحج:36]؛ أي: من أعلام دينه. ({لَكُم فِيهَا خَيرٌ}) أي: نفع(2) في الدنيا وأجر(3) في العُقبى. ({فَاذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَيهَا}) أي: عند نحرِها.({صَوَافَّ}) أي: قائمةً على ثلاثٍ معقولةَ(4) اليدِ اليسرى. ({فَإِذَا وَجَبَت جُنُوبُهَا}) أي: سقطت على الأرضِ بعد النحرِ. ({فَكُلُوا مِنهَا}) إن شئتُم. ({وَأَطعِمُوا القَانِعَ}) أي:(5) الذي يقنعُ بما يُعطى ولا يسأل ولا يتعرَّض، أو السائلَ: مَن قنع إذا سأل، وهو المناسبُ لتفسير البخاريِّ الآتي. ({وَالمعْتَرَّ}) أي: السائلَ والمتعرِّضَ، وقيل: هو الذي لا يتعرَّض. ({كَذَلِكَ}) أي: مثل ذلك التَّسخيرُ المفهومُ ممَّا(6) مرَّ.({سَخَّرنَاهَا لَكُم}) بأن تُنحرَ وتركبَ {لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ} [الحج:36]) إنعامي عليكم.({لَن يَنَال اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} [الحج:37]) أي: لا يُرفعان إليه ({وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم})كررَّه تذكيرًا لنعمة التسخير وتعليلًا له بقوله: ({لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم}) أي: أرشدكم لمعالم دينهِ ومناسكِ حجِّه ({وَبَشِّرِ المُحسِنِينَ}) أي: الموحِّدين، وفي نسخةٍ قبل قولهِ: ({فَكُلُوا مِنهَا}) إلى آخِرهِ لقوله: ({وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم}) إلى قوله: ({وَجَبَت جُنُوبُهَا}). (لِبُدنِهَا) أي: لِسِمَنِها، وهي بضم الموحدة وسكون المهملة، وفي نسخة بفتحهما، وفي أخرى: <لبَدَانَتها> بفتحهما وبألف ونون وفوقية. (الِّذِي يَعتَرُّ بِالبُدنِ) أي: يطوف بها متعرضًا لها.
          (وَشَعَائِرُ) المذكور(7) في الآية: (استِعظَامُ البُدنِ وَاستِحسَانُها) اللَّذان هما من أعلام دين الله. (وَالعَتِيقُ) أي: المذكور في قوله:({وَليَطَّوَّفُوا بِالبَيتِ العَتِيقِ} [الحج:29]). (عِتقُهُ مِنَ الجَبَابِرَةِ) أي: سُمِّي بذلك لأنه عُتِقَ منهم، وقيل: لعتقه من الغرقِ(8)، وقيل: لقدمه، وقيل: لأنَّه لم يُملك قط.


[1] قوله: ((والبقر)) ليس في (ع) و(ك)و (د).
[2] في (د): ((يقع)). وهو تصحيف.
[3] في (ع) و(ك)و (د): ((وآخر)). وهو تصحيف.
[4] في (د): ((مفتولة)).
[5] قوله: ((أي)) ليس في (ع).
[6] في (ع): ((كما)).
[7] في (المطبوع): ((المذكورة)).
[8] في (د): ((العرق)).