تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج

          ░82▒ (بَابُ: الإِهلَالِ مِنَ البَطحَاءِ) أي: الإحرام من وادي مَكَّة. (وَغَيرِهَا) أي: غير بطحاءِ مَكَّة من سائر أجزائها. (لِلمَكِّيِّ) أي: للمقيمِ بها ممن أراد الحجَّ لأن(1) من أراد العمرة إنَّما يحرم من أدنى الحلِّ، (وَلِلحَاجِّ) أي: للآفاقي الذي دخل مَكَّة. (إِذَا خَرَجَ) محرمًا بحجٍّ (إلى مِنَى) حاصلُ ذلك: أنَّ مكان الإحرامِ بالحجِّ للمقيم بمَكَّة وإن لم يكن من(2) أهلها وللمتمتع بالحجِّ نفسُ مَكَّة، وهو الصحيحُ عند الشافعي لخبر: ((حتى أَهلَ مَكَّة مِن مَكَّة)) [خ¦1524] [خ¦1530] [خ¦1845] وقيس بأهلها غيرُهم مِمَّن هو بها، فإن فارقَ بنيانها وأحرمَ خارجها ولم يعد إليها قبل الوقوفِ أساء ولزمه(3) دمٌ، والأفضلُ: أن يحرم من باب داره.
          (عَنِ المجَاوِرِ) أي: بمَكَّة. (يُلَبِّي) في نسخةٍ: <أَيُلَبِّي> بذكر همزة الاستفهام. (قَالَ) في نسخةٍ: <فقال>. (وَكَانَ) في نسخةٍ: <فَكَانَ> / وفي أخرى: <كَانَ>. (يَومَ التَّروِيَةِ) هو ثامنُ ذي الحجَّة، وسُمِّي به؛ لأنهم كانوا(4) يُرَوُّون إبلهم ويتروَّون(5) من الماء فيه.
          (عَبدُ الملك) هو ابن أبي سُلَيمَان، أو ابن عبدِ العزيزِ بنِ جُريج، قال شيخُنا: والظاهرُ الأول. (قَدِمنَا) أي: مَكَّة. (حَتَّى يَومَ التَّروِيَةِ) بالنصب على الظرفية، وبالجرِّ (حتى)(6) بمعنى إلى، (مَكَّةَ بِظَهرٍ) أي: جعلناها وراء ظهورنا.
          (أَبُو الزُّبَيرِ) هو مُحمَّد بن مسلم.(7) (أَهلَلنَا) أي: بالحج. (فَقَالَ) أي: ابن عمر. (لَم أَر النَّبِيَّ صلعم يُهلُّ حَتَّى تَنبَعِثَ(8) بِهِ رَاحِلَتُهُ) استُشكل بأن إهلاله صلعم حين انبعثت(9) به راحلتُه إنَّما كان بذي الحليفة، وإهلال ابن عمرَ بمَكَّة يومَ التروية، فكيف احتجَّ به لما ذهب إليه؟ وأُجيب: بأنَّ ذلك من جهة أنه صلعم أهلَّ من ميقاته حين ابتدأ به(10) في عمل حجَّته واتصل له عمله، فكذلك المكي(11) لا يُهل إلا يومَ التروية الذي هو أولُ عمله؛ ليتصلَ له عملُه(12) تأسيًا به صلعم، بخلاف ما لو أهلَّ من أولِ الشَّهرِ.


[1] في (ع): ((لا)).
[2] في (د): ((لمن)).
[3] في (د): ((ولزمها)).
[4] قوله: ((كانوا)) ليس في (ك).
[5] في (ع): ((ويرتوون))، وقوله: ((ويتروون)) ليس في (ك).
[6] في (ع) و(ك)و (د): ((بحتى)).
[7] قوله: ((أي: جعلناها وراء ظهورنا.(أَبُو الزُّبَيرِ) هو مُحمَّد بن مسلم)) ليس في (ع).
[8] في (د): ((ينبعث)).
[9] في (المطبوع): ((حتى تنبعث)).
[10] في (د): ((ابتدائه)).
[11] قوله: ((المكي)) ليس في (ك).
[12] قوله: ((ليتصل له عمله)) ليس في (د).